الرئيسية تفاسيرالكتاب المقدس ٤ – طبيعة الكرازة المسيحية (١كورنثوس ٣: ٥ – ٤: ٥)

٤ – طبيعة الكرازة المسيحية (١كورنثوس ٣: ٥ – ٤: ٥)

بواسطة Mousa
127 الآراء

٤ – طبيعة الكرازة المسيحية (١كورنثوس ٣: ٥ – ٤: ٥)

في هذا الجزء يتحدث الرسول بولس عن خدمة الكارز المسيحي. فيتكلم عن:

  1. العلاقة بين الكارز والكنيسة (٣: ٥ – ١٥)
  2. يحذر من الاستهانة بالكارزين (٣: ١٦ – ٢٣)
  3. يقدم وصفاً للكارز الأمين (٤: ١ – ٥)

(أ) العلاقة بين الكارز والكنيسة

٥ فَمَنْ هُوَ بُولُسُ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا، وَكَمَا أَعْطَى ٱلرَّبُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ: ٦ أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى، لٰكِنَّ ٱللّٰهَ كَانَ يُنْمِي. ٧ إِذاً لَيْسَ ٱلْغَارِسُ شَيْئاً وَلا ٱلسَّاقِي، بَلِ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي يُنْمِي. ٨وَٱلْغَارِسُ وَٱلسَّاقِي هُمَا وَاحِدٌ، وَلٰكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ. ٩ فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلانِ مَعَ ٱللّٰهِ، وَأَنْتُمْ فَلاحَةُ ٱللّٰهِ، بِنَاءُ ٱللّٰهِ. ١٠ حَسَبَ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمُعْطَاةِ لِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاساً، وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلٰكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ. ١١ فَإِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاساً آخَرَ غَيْرَ ٱلَّذِي وُضِعَ، ٱلَّذِي هُوَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ. ١٢ وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدُ يَبْنِي عَلَى هٰذَا ٱلأَسَاسِ ذَهَباً فِضَّةً حِجَارَةً كَرِيمَةً خَشَباً عُشْباً قَشّاً، ١٣ فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِراً لأَنَّ ٱلْيَوْمَ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ، وَسَتَمْتَحِنُ ٱلنَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ. ١٤ إِنْ بَقِيَ عَمَلُ أَحَدٍ قَدْ بَنَاهُ عَلَيْهِ فَسَيَأْخُذُ أُجْرَةً. ١٥ إِنِ ٱحْتَرَقَ عَمَلُ أَحَدٍ فَسَيَخْسَرُ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيَخْلُصُ، وَلٰكِنْ كَمَا بِنَارٍ (١كورنثوس ٣: ٥ – ١٥)

يقول الرسول بولس لمؤمني كورنثوس إن قولهم إنهم أتباع بولس أو أتباع أبلوس، هو رَفْع للعبد إلى مكانة السيد، بينما السيد واحد وهو المسيح! إن هناك أساساً واحداً يبني عليه، لا يمكن أن يكون هناك أساس آخر غيره، هذا الأساس هو يسوع المسيح. كل من يبني على هذا الأساس يأخذ أجرة، ولا يمكن أن يبني أحد على أساسٍ آخر غير المسيح. هل تعرف أسقفاً أو كاهناً أو قساً أو شيخاً يتمتع بقوة من الله؟ تستطيع أن تدرك فوراً سلطانه الروحي. هو الذي لا يقبل الألقاب العظيمة بل يسمّي نفسه خادم الرب. هكذا سمَّى الرسول بولس نفسه عندما قال «مَنْ هو بولس ومَنْ هو أبلوس؟ بل خادمان آمنتم بواسطتهما، وكما أعطى الرب لكل واحد». لا يستطيع عبد من عباد الله أن يعمل أكثر مما يعطيه ربه من مواهب. ولكل واحد من أولاد الله عمل: أحدهم يفلح الحقل والثاني يزرع، والثالث يسقي، وغيره يحصد. وعليك كخادم للرب أن تسأل الله عن الخدمة التي يريدك أن تؤديها له، وأن تفحص نفسك: على أي أساس تبني تعليمك؟ لا أساس إلا يسوع المسيح مخلّص العالم الوحيد، الذي ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء به ينبغي أن نخلص. من حياته وصليبه وقيامته وجلوسه عن يمين الله تنال أنت وأصدقاؤك القوة للإيمان والخدمة والرجاء. أما القسيس فهو خادم لا يحتل إلا المكانة التي يعيّنها له الرب. والله يجازي كل واحد حسب جهده، وسيجئ الله بعمل كل واحد إلى الدينونة. هناك نار قداسة الله التي يجوز فيها عمل كل واحد منا. فاذا أمسكت النار بالبناء أتت على المواد الرخيصة فوراً، وبقيت المواد الغالية فقط. هذه هي طبيعة يوم الدينونة. قد يكون بعض المعلّمين المسيحيين غيورين متحمسين، لكن إن كانت عقائدهم باطلة فإن نتائج عملهم لا تقف في وجه دينونة الله. إنْ بقي عمل أحد قد بناه على أساس المسيح فسيأخذ أجرة، كما قال الرب لإبراهيم «أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدّاً» (تكوين ١٥: ١) قد تكون خدمة إنسان عقيمة بلا ثمر، لأنه مع توافُر حسن النية قد أخطأ المرمى. إن احترق عمل أحد فسيخسر، أما هو فسيخلُص ولكن كما بنار. هو سيخسر أجرته. النار هنا رمزية «يخلص كما بنار» أي يفلت من الهلاك وبالكاد ينجو.

آية للحفظ

«إِذاً لَيْسَ ٱلْغَارِسُ شَيْئاً وَلا ٱلسَّاقِي، بَلِ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي يُنْمِي» (١كورنثوس ٣: ٧)

صلاة

أيها الرب أنت تبني ملكوتك. أعنّا لنعمل معك. ساعدنا لنبني على الأساس الوحيد الصحيح الذي هو ربنا يسوع المسيح. أعط عملنا المبني على أساس المسيح أن يكون عملاً مباركاً له قيمته، حتى ننال أجرة منك.

سؤال

٩ – على أي أساس يجب أن نبني إيماننا المسيحي؟

(ب) تحذير من الاستهانة بالكارزين

١٦ أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ ٱللّٰهِ، وَرُوحُ ٱللّٰهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ ١٧ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ ٱللّٰهِ فَسَيُفْسِدُهُ ٱللّٰهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ ٱللّٰهِ مُقَدَّسٌ ٱلَّذِي أَنْتُمْ هُوَ. ١٨ لا يَخْدَعَنَّ أَحَدٌ نَفْسَهُ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هٰذَا ٱلدَّهْرِ، فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيماً! ١٩ لأَنَّ حِكْمَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: ٱلآخِذُ ٱلْحُكَمَاءَ بِمَكْرِهِمْ. ٢٠ وَأَيْضاً: «ٱلرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ ٱلْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ. ٢١ إِذاً لا يَفْتَخِرَنَّ أَحَدٌ بِٱلنَّاسِ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَكُمْ: ٢٢ أَبُولُسُ، أَمْ أَبُلُّوسُ، أَمْ صَفَا، أَمِ ٱلْعَالَمُ، أَمِ ٱلْحَيَاةُ، أَمِ ٱلْمَوْتُ، أَمِ ٱلأَشْيَاءُ ٱلْحَاضِرَةُ، أَمِ ٱلْمُسْتَقْبَِلَةُ. كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ. ٢٣ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلِلْمَسِيحِ، وَٱلْمَسِيحُ لِلّٰهِ (١ كورنثوس ٣: ١٦ – ٢٣).

أنتم أبناء الله وروح الله يسكن فيكم، مثل قدس الأقداس الذي يعتّزُ بحضور الله. إن كان أحد يُفسد هيكل الله فسيُفسده الله. هذا عقاب صارم يحل بالشخص الذي يسئ ويستهين بالوظيفة الرعوية. لايخدعن أحد نفسه، فإن خداع النفس شيء سهل، ينبع من الكبرياء ومن التحّزُب ومن اتباع معلّم معيَّن بالذات. إن الله لا يسكن في بيت مبني بالحجارة، لكنه يسكن في قلوب المؤمنين بالمسيح. هل أدركت امتياز أن الله يحل فيك، وأن دم المسيح يطهرك من كل إثم؟

يحل روح الله في كل المؤمنين الذين يكّونون معاً هيكل الله. ويشترك في بناء الله وفي مسكنه كل الذين امتلأوا بمحبة الله ولا يعيشون لحاضرهم فقط. كل أولاد الله الذين قبلوا المسيح في الحاضر والماضي والمستقبل هم بناء الله ومسكن الله. ألا يملأنا هذا بالتواضع؟ لقد اختارنا الله لنكون أوانٍ لروحه الأبدي القوي الحكيم الكامل، وبذل المسيح نفسه ليوحّدنا مع الله في عهد جديد، ليحل بروحه فينا فنثبت في محبته وتواضعه وفرحه. ليست هذه فلسفة ولا حكمة دنيوية، فلا يوجد برنامج حزبي ولا دين يعطيك رجاءً حياً مؤكَّداً بهذا المقدار كما يفعل الإنجيل. اطرح كل أفكار بشرية جانباً واحسب كل تعاليم أرضية مهما كانت سامية أنها نفاية إلى جوار الحق الأبدي المجيد الذي لنا في المسيح.

عزيزي القارئ، هناك حكمة أرضية لا قيمة لها، لا تبقى لأنها مرفوضة من الله. وهناك الحكمة الحقيقية التي أعلنها في الكتاب المقدس. لا يفتخرن أحد بالناس ولا بتعاليمهم، لكن لنفتخر بالرب الذي يضمن لنا الحياة الحاضرة ويضمن لنا الحياة المستقبلة أيضاً. أما مكر الحكماء – بمعنى ذكاء الحكماء الأرضيين – فهو جهالة عند الله، لأنه يخالف الفكر الإلهي. هل رأيت الفكر الإلهي في المسيح؟ أثبُتْ فيه، فهذا هو البركة الحقيقية بالنسبة لك.

ليس هذا شيئاً ضد العلم ولا ضد الفلسفة، فإن العلم الصحيح والدين الصحيح يلتقيان معاً في المسيح يسوع، بدون تعارض بينهما، لأنهما مظهران للنشاط الإلهي الواحد وكلاهما ميراث للمسيح. من حقنا أن نجول في ميادين الفضاء اللانهائي في العالم الفلكي، وأن نغوص في أجيال التاريخ الماضي التي لا تُحصى، وأن ندخل الى معمل الطبيعة الواسع لنحلل، ولا يُحسَب هذا تطفُّلاً منّا على ميدان غريب علينا بل هو حق لنا… حق لنا لأننا للمسيح.

آية للحفظ

«أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ ٱللّٰهِ، وَرُوحُ ٱللّٰهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟» (١كورنثوس ٣: ١٦)

صلاة

أيها الرب الإله القدوس، نعبدك ونسجد لك، لأنك اخترتنا هيكلاً لك. نحن نتألم على خطايانا ونطلب أن تعطينا النعمة لنفتخر بك وحدك، ولنمتليء من حكمتك وحدك ولنكون دوماً مسكناً لك مقدساً لنعمل مشيئتك.

سؤال

١٠ – ما هو الخطأ في أن يفتخر أحدنا بالانتساب لأحد البشر؟ ولماذا يجب أن يكون الانتساب والافتخار بالمسيح وحده؟

(ج) وصف للكارزين

١ هٰكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا ٱلإِنْسَانُ كَخُدَّامِ ٱلْمَسِيحِ وَوُكَلاءِ سَرَائِرِ ٱللّٰهِ، ٢ ثُمَّ يُسْأَلُ فِي ٱلْوُكَلاءِ لِكَيْ يُوجَدَ ٱلإِنْسَانُ أَمِيناً. ٣ وَأَمَّا أَنَا فَأَقَلُّ شَيْءٍ عِنْدِي أَنْ يُحْكَمَ فِيَّ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ يَوْمِ بَشَرٍ. بَلْ لَسْتُ أَحْكُمُ فِي نَفْسِي أَيْضاً. ٤ فَإِنِّي لَسْتُ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ فِي ذَاتِي. لٰكِنَّنِي لَسْتُ بِذٰلِكَ مُبَرَّراً. وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي يَحْكُمُ فِيَّ هُوَ ٱلرَّبُّ (١ كورنثوس ٤: ١ – ٥).

يقول الرسول بولس: «فليحسبنا الإنسان كخدام للمسيح» والخادم هو الذي يقوم بعمل فعلي شخصي لخدمة رئيس. فكل من يعمل في خدمة المسيح يقوم بخدمة شخصية للمسيح رئيس المؤمنين، ويسمّي نفسه وكيل سرائر الله. والسرائر هنا هي كل نعم الله وبركاته. والكهنة والقسوس هم من سفراء الرب وخدامه ووكلائه ليعلّموا الشعب وينصحوه بكلمة الرب – هم يشجعون قطيع المسيح في العالم ليحيا للمسيح. هذا شرف عظيم، يقابله في الوقت نفسه مسئولية ضخمة، فانه سوف يأتي اليوم الذي سيحاسب الله فيه خدامه، «يُسأل في الوكلاء ليُوجد الإنسان أميناً». في ذلك لا يهمّ ما يقوله الناس، ولا يهمّ ما يقوله الخادم عن نفسه، فإن حكم البشر ليس صحيحاً في معظم الأحوال. وقد يخدع الإنسان نفسه فيظن نفسه صالحاً وهو ليس كذلك. لكن المهم هو حكم الرب. والرسول بولس يقول: لا تحكموا في شيء حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويُظهر آراء القلوب. سيجئ يوم يوقف الله فيه كل واحد منا في النور ليظهر ما في داخل قلبه. لا تِدنْ خادم الرب بسرعة لأنك لا تعلم أسراره مع الله. كل خادم للمسيح هو خاضع لربه مباشرة. نعم من الممكن أن تنبّهه بقول الحق بمحبة، لكن يستحيل أن تدينه وترفضه وتبغضه. فالامتياز لنا أن نحبه، لأنك إن لم تكن متسامحاً فلن يسامحك الله في المسيح. انتبه في معاملاتك مع رجال الله، لأن المسيح ربهم يرشدهم ويحتملهم بصبر عظيم، وعند مجيئه سيدينهم هم أولاً، لأنهم عرفوا وعاشوا أسرار ملكوته. وسيمتحن نور الله الساطع عمل كل واحد منهم. عندها سينال المتواضع الوديع مدح الله، وويل للمتكبر لأنه سيخجل في حضرة الله.

آية للحفظ

«هٰكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا ٱلإِنْسَانُ كَخُدَّامِ ٱلْمَسِيحِ وَوُكَلاءِ سَرَائِرِ ٱللّٰهِ» (١كورنثوس ٤: ١)

صلاة

أيها الرب أنا أشكرك من أجل الخدام الذين يقدمون لنا كلمة الله. أصلي من أجلهم أن تجعلهم أمناء، فإن مسئولياتهم أكبر منهم. ربنا سامحني إنْ كنت قد حكمت على أحد منهم، فإنني لا أعرف خفايا القلوب. لكن أنت الذي تعرف. أصلي من أجل قسيس كنيستي. اطلب أن تباركه وأن تعينه في خدمته.

سؤال

١١ – لماذا لا يجب أن نحكم على الناس، وخصوصاً الذين يخدمون الله؟

You may also like