الرئيسية تفاسيرالكتاب المقدس تفسير انجيل لوقا الاصحاح الثالث

تفسير انجيل لوقا الاصحاح الثالث

بواسطة Mousa
244 الآراء

تفسير انجيل لوقا الاصحاح الثالث

إنجيل لوقا الاصحاح 3 vcb

الكنز الجليل في تفسير الإنجيل

للدكتور وليم إدي

خدمة يوحنا المعمدان ع ١ إلى ١٤
١ «وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةِ عَشَرَةَ مِنْ سَلْطَنَةِ طِيبَارِيُوسَ قَيْصَرَ، إِذْ كَانَ بِيلاَطُسُ ٱلْبُنْطِيُّ وَالِياً عَلَى ٱلْيَهُودِيَّةِ، وَهِيرُودُسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى ٱلْجَلِيلِ، وَفِيلُبُّسُ أَخُوهُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى إِيطُورِيَّةَ وَكُورَةِ تَرَاخُونِيتِسَ، وَلِيسَانِيُوسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى ٱلأَبِلِيَّة».

طِيبَارِيُوسَ قَيْصَر هو أمبرطور الرومانيين كان شريكاً لعمه أوغسطس قيصر في الملك سنتين قبل موت أوغسطس أي ابتدأ يملك سنة ٧٦٥ من تأسيس رومية وابتدأ يملك وحده سنة ٧٦٧. والأرجح أن لوقا يذكره في الوقت الذي كان فيه شريكاً لأغسطس الذي كان ملكاً يوم ميلاد المسيح (ص ٢: ١). ومات هيرودس سنة ٧٥٠ لتأسيس رومية والأرجح أن ذلك كان في آخر السنة التي ولد فيها المسيح. وكان يسوع في سن الخامسة عشرة حين ابتدأ طيباريوس يملك. وكان سن المسيح في المدة التي أشار إليها لوقا في هذا الأصحاح نحو ثلاثين سنة (ع ٢٣). وكانت مدة ملك طيباريوس ثلاثاً وعشرين سنة وكان خبيثاً ظالماً وسُميت مدينة طبرية من اسمه. إكراماً له.

بِيلاَطُسُ ٱلْبُنْطِيُّ هو والي سورية تولاها منذ بداءة سنة ٢٧ ب. م إلى نهاية سنة ٣٦ ب . م. وعُزل أرخيلاوس بعد أن ملك عشر سنين على اليهودية (متّى ٢: ٢٢). فأرسل أوغسطس والياً رومانياً على اليهودية بدلاً من أرخيلاوس. وكان بيلاطس الوالي السادس على سورية (انظر الشرح متّى ٢٧: ٢).

وَهِيرُودُسُ رَئِيسَ رُبْعٍ وهو هيرودس أنتيباس بن هيرودس الكبير وملثاسي (متّى ١٤: ١). وهو قاتل يوحنا المعمدان. وهو الذي سخر هو وعسكره بالمسيح عندما أرسله إليه بيلاطس وقت محاكمته (لوقا ٢٣: ٦ – ١١). وكان رئيساً على الجليل اثنتين وأربعين سنة.

فِيلُبُّسُ أَخُوهُ هو فيلبس الثاني ابن هيرودس الكبير وامرأته كليوبترا (وهي يهودية من أورشليم). تزوج سالومي بنت فيلبس الأول وهيروديا. وسالومي هي التي رقصت وأخذت رأس يوحنا المعمدان أجرة رقصها. وتولى الرئاسة ستاً وثلاثين سنة. وحُسب أفضل أولاد هيرودس وهو الذي بنى قيصرية فيلبس التي اسمها اليوم بانياس وجدد بناء بيت صيدا وسماها يولياس.

إِيطُورِيَّةَ هي البلاد المحيطة بجبل حرمون أي جبل الشيخ وسمّيت أيطورية نسبة إلى يطور بن إسماعيل بن إبراهيم (تكوين ٢٥: ١٥).

وَكُورَةِ تَرَاخُونِيتِسَ هي البلاد التي على الجنوب الشرقي من جبل الشيخ وأيطورية وكانت تسمى قبلاً أرجوب (تثنية ٣: ١٣ و١٤) واسمها اليوم اللجا وهي جزء من حوران.

وَلِيسَانِيُوسُ الأرجح أنه كان ابن ليسانيوس ملك خلخيس أو حفيده. وهذا الملك ملك ستين سنة قبل الوقت المشار إليه هنا وقتله أنطونيوس منذ أربع وثلاثين سنة ق.م وكان أوغسطس قيصر يحب أن يأخذ أولاد الذين عزلهم خصماه أنطونيوس وكراسوس وقتلاهم ويوليهم ولايات والديهم.

ٱلأَبِلِيَّةِ هي كورة صغيرة شمالي دمشق على جانبي نهر بردى وعلى أمد سبع ساعات منها فهي بين تلك المدينة وبعلبك. والمرجح أنها كانت جزءاً من خلخيس.

٢ «فِي أَيَّامِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ حَنَّانَ وَقَيَافَا، كَانَتْ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ عَلَى يُوحَنَّا بْنِ زَكَرِيَّا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ».

يوحنا ١١: ٤٩ و٥١ و١٨: ١٣ وأعمال ٤: ٦

رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ حَنَّانَ وَقَيَافَا (انظر الشرح متّى ٢٦: ٢).

لم تكن شريعة موسى تسمح بسوى رئيس كهنة واحد في وقت واحد. وكان حنان حما قيافا وتولى رئاسة الكهنة قبله فعزله الرومانيون بعد أن ولوا غيره وعزلوه مراراً ثم ولوا قيافا (يوحنا ١٨: ١٣). وكان حنان أعظم من قيافا سناً وحكمة وتأثيراً فلذلك اعتبره اليهود رئيس كهنة حقاً واعتبر الرومانيون قيافا كذلك شرعاً. وبقيت القوة لحنان وكان له أحياناً الاسم (كما هنا وفي أعمال ٤: ٦) ولم يكن لقيافا سوى الاسم وبعض القوة.

كَانَتْ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ عَلَى كان ذلك في العهد القديم إشارة إلى إلهام الروح القدس (١ملوك ١٢: ٢٢ و١أيام ١٧: ٣ وإرميا ١: ١ وحزقيال ٦: ١ وهوشع ١: ٢ ويونان ١: ١). وغاية كون كلمة الله على يوحنا أخباره بأن يبتدئ في خدمته جهاراً.

يُوحَنَّا (انظر الشرح متّى ٣: ١).

زَكَرِيَّا (ص ١: ٥).

فِي ٱلْبَرِّيَّةِ أي برية اليهودية (ص ١: ٨٠).

٣ «فَجَاءَ إِلَى جَمِيعِ ٱلْكُورَةِ ٱلْمُحِيطَةِ بِٱلأُرْدُنِّ يَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ ٱلتَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا».

متّى ٣: ١ ومرقس ١: ٤، ص ١: ٧٧

فَجَاءَ أي من منفرده في البرية.

ٱلْكُورَةِ ٱلْمُحِيطَةِ بِٱلأُرْدُنِّ على جانبي نهر الأردن قرب مصبه في بحيرة لوط. والكلام هنا يدل على أن يوحنا كان يجول للكرازة في تلك الكورة غير مقيم بمكان واحد.

بِمَعْمُودِيَّةِ ٱلتَّوْبَةِ أي المعمودية التي هي علامة التوبة ورمز الطهارة. والمراد بها الإشارة إلى أن الذين اعتمدوا تطهروا من الخطايا والضلالات السالفة وأخذوا يحيون حياة جديدة (متّى ٣: ١ – ١١ ومرقس ١: ٤ – ٦). ولم تكن المعمودية الخارجية ذات قيمة إلا بما سبقها واقترن بها من التوبة الحقيقية القلبية. وكانت مقترنة بالاعتراف كما أبان متّى ومرقس.

لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا أي أن المعمودية كانت علامة المغفرة بالنظر إلى الله كما أنها كانت علامة التوبة بالنظر إلى الإنسان.

٤ – ٦ «٤ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ إِشَعْيَاءَ ٱلنَّبِيِّ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، أَعِدُّوا طَرِيقَ ٱلرَّبِّ، ٱصْنَعُوا سُبُلَـهُ مُسْتَقِيمَةً. ٥ كُلُّ وَادٍ يَمْتَلِئُ، وَكُلُّ جَبَلٍ وَأَكَمَةٍ يَنْخَفِضُ، وَتَصِيرُ ٱلْمُعْوَجَّاتُ مُسْتَقِيمَةً، وَٱلشِّعَابُ طُرُقاً سَهْلَةً، ٦ وَيُبْصِرُ كُلُّ بَشَرٍ خَلاَصَ ٱللّٰهِ».

إشعياء ٤٠: ٣ ومتّى ٣: ٣ ومرقس ١: ٣ ويوحنا ١: ٢٣، مزمور ٩٨: ٢ وإشعياء ٥٢: ١٠ وص ٢: ١٠

سبق شرح مثل ذلك في بشارة متّى (متّى ٣: ٣). وبيان التشبيه في هذه الآيات هو أن يوحنا يهيء الطريق لإتيان المسيح بمناداته لليهود ان ينزعوا من قلوبهم المعاصي والكبرياء والعناد والكفر كما أن رُسل الملوك يسيرون أمامهم ليأمروا الشعب بتمهيد الطرق بإزالة ما فيها من موانع المرور. والكلام هنا مقتبس من نبوءة إشعياء (إشعياء ٤٠: ٣ – ٥). والعدد مقتبس معنىً لا لفظاً وهو أكثر موافقة للآية ١٠ من ص ٥٢ من تلك النبوءة. وقوله «خلاص الله» في العدد السادس وفق قوله «خلاصك» في ع ٣٠ من ص ٢ من هذه البشارة.

٧ – ٩ «٧ وَكَانَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ ٱلَّذِينَ خَرَجُوا لِيَعْتَمِدُوا مِنْهُ: يَا أَوْلاَدَ ٱلأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ ٱلْغَضَبِ ٱلآتِي؟ ٨ فَٱصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِٱلتَّوْبَةِ. وَلاَ تَبْتَدِئُوا تَقُولُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْرَاهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ ٱللّٰهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لإبْرَاهِيمَ. ٩ وَٱلآنَ قَدْ وُضِعَتِ ٱلْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ ٱلشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي ٱلنَّارِ».

متّى ٣: ٧، متّى ٧: ١٩

(انظر الشرح متّى ٣: ٧ – ١٠). ولا فرق بين كلام البشيرين إلا أن الذين أشار إليهم لوقا بقوله «للجموع» أشار إليهم متّى بقوله «للفريسيين والصدوقيين». ولم يحتج لوقا إلى ذلك التفصيل لأنه كتب إلى الأمم. وخص يوحنا خطابه بالفريسيين والصدوقيين لأنهم كانوا أكثر ميلاً إلى قبول الطقس الجديد أي المعمودية دون السيرة الجديدة المطلوبة. وأشار بقوله «اصنعوا أثماراً تليق بالتوبة» إلى أن إصلاح السيرة هو البرهان الوحيد على التوبة الحقيقية وذلك وفق قول إشعياء (إشعياء ١: ١٠ – ٢٠).

١٠ «وَسَأَلَـهُ ٱلْجُمُوعُ: فَمَاذَا نَفْعَلُ؟».

أعمال ٢: ٣٧

أي ماذا يجب أن نفعل لكي نهرب من غضب الله الآتي. وهذه مثل ما جاء في سفر الأعمال (أعمال ٢: ٣٧). أو ما هي الأثمار التي ينبغي أن نصنعها (ع ٨).

١١ «فَأَجَابَ: مَنْ لَـهُ ثَوْبَانِ فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَـهُ، وَمَنْ لَـهُ طَعَامٌ فَلْيَفْعَلْ هٰكَذَا».

ص ١١: ٤١ و٢كورنثوس ٨: ١٤ ويعقوب ٢: ١٥ و١٦ و١يوحنا ٣: ١٧ و٤: ٢٠

ذكر يوحنا هنا من علامات التوبة الحقيقية إنكار الذات وعمل الخير للغير. ولعله ذكر ذلك دون غيره لأن محبة الذات والطمع خطيئتان مال إليها اليهود أكثر من ميلهم إلى سواهما. وعبّر بالثياب والطعام عن كل احتياجات الإنسان الجسدية (انظر متّى ٥: ٤٢). ويظهر من هذا الكلام أن يوحنا لم يكتف بممارسة طقس المعمودية واستماع اعتراف الشعب جهاراً فأوصاهم بالأعمال الضرورية للبرهان على صحة توبتهم.

١٢ «وَجَاءَ عَشَّارُونَ أَيْضاً لِيَعْتَمِدُوا وَسَأَلُوهُ: يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا نَفْعَلُ؟».

متّى ٢١: ٣٢ وص ٧: ٢٩

العشارون هم جباة الجزية للرومانيين (متّى ٥: ٤٦). ولم يقبل وظيفتهم أحد من اليهود إلا أدناهم فكانوا محتقرين مبغضين وكانت أسماؤهم تُذكر غالباً مع الخطأة لكراهة وظيفتهم وظلم أعمالهم.

١٣ «فَأَجَابَ: لاَ تَسْتَوْفُوا أَكْثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَكُمْ».

ص ١٩: ٨

لم يأمرهم يوحنا أو ينصحهم أن يتركوا تلك الوظيفة مع أنها مما كرهه الشعب لأنه حيثما تكن حكومة فلا بدّ من وجود جباة الجزية اللازم لنفقاتها. فنهاهم أن يطلبوا من الناس شيئاً فوق ما عينه الحاكم. وفي هذا ما يدل على أنهم كانوا قد اعتادوا ما نهاهم عنه.

١٤ «وَسَأَلَـهُ جُنْدِيُّونَ أَيْضاً: وَمَاذَا نَفْعَلُ نَحْنُ؟ فَأجَابَ: لاَ تَظْلِمُوا أَحَداً، وَلاَ تَشُوا بِأَحَدٍ، وَٱكْتَفُوا بِعَلاَئِفِكُمْ».

خروج ٢٣: ١ ولاويين ١٩: ١١

جُنْدِيُّونَ هم ليسوا من الرومانيين لأن الرومانيين لا يأتون ليسمعوا كرازة المعمدان ولا يرغبون في معموديته. فإذاً كانوا إما من جند هيرودس أنتيباس رئيس الجليل أو شرطاً من اليهود يحافظون على الكورة التي كان يوحنا فيها. ونعرف مما نهاهم يوحنا عنه الخطايا التي كانوا يرتكبونها. ولم يقل ما يستدل منه على أن وظيفة العسكر محرمة.

لاَ تَظْلِمُوا أَحَداً نهاهم عن الظلم لأنهم كانوا بسبب وظيفتهم عرضة لأن يأخذوا من الرعية أكثر مما فُرض عليها أو أن يسلبوا شيئاً من أموالها فيثقلوا بذلك عليها وقت السلم.

وَلاَ تَشُوا بِأَحَدٍ أي لا تنمّوا على أحد وتسعوا به أو تشتكوا عليه للحاكم بما لم يرتكبه. وكانوا عرضة لذلك بغية أن يأخذوا من المتهمين رشوة لإطلاقهم أو ثواباً من الحاكم كأنهم جواسيس له.

ٱكْتَفُوا بِعَلاَئِفِكُمْ أي اقتنعوا بأجركم. وكانت أجرة الجندي وقتئذ نحو دينار في اليوم أي نحو ٤ غروش. وكان عليهم أن ينفقوا منها على طعامهم. وكثيراً ما كان الجنود يعصون حينئذ على رؤسائهم من قلة أجرهم وعدم تأديتها لهم في أوقاتها.

وأمر يوحنا كل صنف من الناس بإصلاح سيرته بياناً لخلوص توبته.

إنباء يوحنا بمجيء المسيح ع ١٥ إلى ١٨
١٥ «وَإِذْ كَانَ ٱلشَّعْبُ يَنْتَظِرُ، وَٱلْجَمِيعُ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ عَنْ يُوحَنَّا لَعَلَّهُ ٱلْمَسِيحُ».

كان الناس يومئذ متوقعين مجيء المسيح فجراءة يوحنا وسلطانه على قلوب الناس حملا كثيرين منهم على أن يقولوا أليس هو المسيح المنتظر أي أليس أعماله وفق النبوءات المتعلقة بالمسيح. وما قيل هنا يوافق ما قيل في بشارة يوحنا عن مجيء لجنة من أورشليم لتسأل يوحنا «من أنت» (يوحنا ١: ١٩).

١٦ – ١٨ «١٦ قَالَ يُوحَنَّا لِلْجَمِيعِ: أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ، وَلٰكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، ٱلَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَنَارٍ. ١٧ ٱلَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ ٱلْقَمْحَ إِلَى مَخْزَنِهِ، وَأَمَّا ٱلتِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ. ١٨ وَبِأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَعِظُ ٱلشَّعْبَ وَيُبَشِّرُهُمْ».

متّى ٣: ١١، ميخا ٤: ١٢ ومتّى ١٣: ٣٠

سبق تفسير ذلك في شرح بشارة متّى (متّى ٣: ١١ و١٢). وخلاصة جواب يوحنا ثلاثة أشياء:

الأول: أنه ليس هو المسيح.

الثاني: قرب مجيء المسيح وظهوره.

الثالث: شرح عمل المسيح. ومن ذلك فصل الأخيار عن الأشرار وخلاص الأولين وهلاك الآخرين.

والفرق بين عمل المسيح وعمل يوحنا هو أن عمل الأول عمل السيد وعمل الثاني عمل العبد وأن معمودية الأول التي هي معمودية الروح أعظم من معمودية الثاني التي هي معمودية الجسد كما أن قوة النار على التطهير أعظم من قوة الماء عليه.

سجن يوحنا المعمدان ع ١٩ و٢٠
١٩، ٢٠ «١٩ أَمَّا هِيرُودُسُ رَئِيسُ ٱلرُّبْعِ فَإِذْ تَوَبَّخَ مِنْهُ لِسَبَبِ هِيرُودِيَّا ٱمْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، وَلِسَبَبِ جَمِيعِ ٱلشُّرُورِ ٱلَّتِي كَانَ هِيرُودُسُ يَفْعَلُهَا، ٢٠ زَادَ هٰذَا أَيْضاً عَلَى ٱلْجَمِيعِ أَنَّهُ حَبَسَ يُوحَنَّا فِي ٱلسِّجْنِ».

متّى ١٤: ٣ ومرقس ٦: ١٧

هِيرُودُسُ هو أنتيباس رئيس الجليل (ع ١).

كان سجن يوحنا بعد تعميد يسوع ولكن استحسن لوقا ذكره قبل ذلك ليقرن نبأ السجن بنبإ علته التي هي توبيخ يوحنا لهيرودس.

زَادَ هٰذَا أَيْضاً عَلَى ٱلْجَمِيعِ أشار بقوله الجميع إلى عدة حوادث لم يذكرها مثل استماع هيرودس ليوحنا في أول أمره بالسرور وفعله أموراً كثيرة بمقتضى نصح يوحنا وأن هيروديا هيجت قساوته على يوحنا إلى غير ذلك مما ذُكر في بشارة مرقس (مرقس ٦: ١٧ – ٢٠).

وأما قتل يوحنا فذكره لوقا في ص ٩: ٩.

معمودية يسوع ع ٢١ و٢٢
٢١، ٢٢ «٢١ وَلَمَّا ٱعْتَمَدَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضاً. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي ٱنْفَتَحَتِ ٱلسَّمَاءُ، ٢٢ وَنَزَلَ عَلَيْهِ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ قَائِلاً: أَنْتَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ!».

متّى ٣: ١٧ ويوحنا ١: ٣٢

(انظر الشرح متّى ٣: ١٣ – ١٧ ومرقس ١: ٩ – ١١)

جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ أي الجماعات التي كانت تأتي على التوالي كل يوم.

إِذْ كَانَ يُصَلِّي لم يذكر أحد من البشيرين سوى لوقا أن يسوع صلّى قبل أن اعتمد وحل الروح القدس عليه. ومما اختص به لوقا محبته أن يذكر في بشارته صلوات يسوع كثيراً (ص ٦: ١٢ و٩: ١٨ و١٩ و٢٢: ٣٢ و٤١ و٢٣: ٢٦)،

بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ أي بصورة حمامة منظورة. والأرجح أنه شاهدها كل من كان هنالك. وكانت الحمامة إشارة إلى الطهارة ولذلك اتخذ الروح هيئتها علامة لحضوره إشارة إلى أن الطهارة من صفات المسيح الخاصة وأنها تظهر في أعماله (انظر الشرح في ذلك متّى ٣: ١٦).

نسب يسوع ع ٢٣ إلى ٣٨
٢٣ «وَلَمَّا ٱبْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَـهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ٱبْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي».

عدد ٤: ٣ و٣٥ و٣٩ و٤٣ و٤٧، متّى ١٣: ٥٥ ويوحنا ٦: ٤٢

نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً في مثل هذا السن ابتدأ اللاويون يمارسون وظيفتهم لأنه حُسب سن الكمال جسداً وعقلاً (عدد ٤: ٣ و٢٣ و٣٠ و٣٥).

عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ٱبْنَ يُوسُفَ الخ (انظر الشرح متّى ١: ١ – ١٣ وكتاب اتفاق البشيرين فصل ١٣). وكُتب في علّة الفرق بين نسب يسوع في بشارة متّى ونسبه في بشارة لوقا مجلدات كثيرة. ولا حاجة لنا هنا إلى سوى القول بأن الأرجح أن نسبه في بشارة متّى من جهة يوسف الذي حسبه اليهود أباً ليسوع. وأن نسبه في بشارة لوقا من جهة أمه. وعلّة ذلك أن متّى كتب إنجيله لإفادة اليهود فأراد أن يثبت لهم حق يسوع شرعاً في أن يدعى ابن داود وأن لوقا كتب للأمم فأراد أن يبرهن لهم أن يسوع من نسل داود بواسطة أمه وأنه إنسان تام لاتصال نسبه بآدم. والذي يؤيد ذلك ثلاثة أمور:

الأول: قول لوقا «عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ٱبْنَ يُوسُفَ» وهذا دليل على أن يسوع ليس ابن يوسف حقيقة. فلا يتوقع أن يبين لوقا بعد ذلك نسب يوسف ويتتبعه إلى اثنين وسبعين سلفاً من الناس وينتهي بالنسبة إلى الله وذلك بعد أن بيّن في أول كلامه أن لا صحة لكون يسوع ابن يوسف وأن ذلك ليس إلا ظناً. فإن قيل لماذا لم يقل لوقا أن يسوع ابن مريم بنت هالي الخ. قلنا لم تجر العادة في جداول أنساب اليهود ولا في جداول أنساب اليونان أن يُنسب الإنسان إلى أمه ولكنها جرت بين العرب.

الثاني: أنه مما نتوقع طبعاً أن نجد في كتاب الله (علاوة على ما يقنع اليهود أن ليسوع الحق الشرعي في أن يُدعى ابن داود) دليلاً قاطعاً أن يسوع حسب الجسد من نسل داود ومن نسل إبراهيم حقيقة كما وعد الله. فمجرد نسبته إلى يوسف لا تثبت ذلك لأن يسوع ليس ابن يوسف حقيقة. فنحتاج لإثبات ذلك إلى نسب مريم. على أن لنا برهاناً آخر على أن يسوع من نسل داود وهو قول الملاك (ص ١: ٣٢ و٣٥).

الثالث: إن غاية لوقا في جدوله خلاف غاية متّى فإن لوقا انتهى في نسب يسوع بآدم من الناس ليظهر أن المسيح هو آدم الثاني وأن آدم الأول رمز له وأن المسيح يشترك باعتبار ناسوته في كل نسل آدم خلافاً لغرض متّى فإنه بيان كون يسوع من نسل إبراهيم. وهاتان الغايتان تقتضيان جدولين أحدهما ليوسف والآخر لمريم حقيقة.

بْنِ هَالِي الابن هنا بمعنى صهر كما جاء في سفر صموئيل الأول (١صموئيل ٢٤: ١٦ و٢٦: ٢١ و٢٥) ولا مانع من أن يكون يوسف ابن هالي بالتبني. وعلى ذلك يكون بمنزلة ابنه في الشريعة. ولو كان معنى لوقا أن يوسف ابن هالي حقيقة لوقع التناقض بين قوله وقول متّى لأن متّى قال أن يوسف ابن يعقوب.

فإن قيل لماذا ذكر لوقا نسب المسيح بين ذكر معموديته وبداءة مناداته. قلنا أن يسوع عاش قبل سن الثلاثين دون المناداة بدعواه أنه المسيح ورضي أن يُحسب في كل تلك المدة ابن يوسف. ولكن لما حان وقت إظهار تلك الدعوى اقتضى أن يُرفع الحجاب عن نسبه الحقيقي ويبين بالقول والفعل أنه ليس ابن يوسف بل ابن الله.

٢٤ – ٢٧ «٢٤ بْنِ مَتْثَاتَ بْنِ لاَوِي بْنِ مَلْكِي بْنِ يَنَّا بْنِ يُوسُفَ، ٢٥ بْنِ مَتَّاثِيَا بْنِ عَامُوصَ بْنِ نَاحُومَ بْنِ حَسْلِي بْنِ نَجَّايِ، ٢٦ بْنِ مَآثَ بْنِ مَتَّاثِيَا بْنِ شَمْعِي بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَهُوذَا، ٢٧ بْنِ يُوحَنَّا بْنِ رِيسَا بْنِ زَرُبَّابِلَ بْنِ شَأَلْتِئِيلَ بْنِ نِيرِي».

هذا جدول أسماء آباء هالي إلى وقت سبي بابل وفيه أربعة وعشرون اسماً وفي جدول متّى من يوسف إلى ذلك السبي أربعة عشر وترك متّى من جدوله سبعة يبقى الثلث الأول من الأسماء أربعة عشر ككل من الثلثين الآخيرين. فأربعة من السبعة ملوك معروفون ولعلّ الثلاثة الباقين كانوا كذلك في ذلك الوقت فاستغنى عن ذكرهم.

شَأَلْتِئِيلَ بْنِ نِيرِي ظن بعضهم في هذا مناقضة لقول متّى «يكنيا ولد شألتئيل» (متّى ١: ١٢). ولكن لا شيء من الدليل على أن شألتئيل الذي ذكره متّى هو شألتئيل الذي ذكره لوقا.

٢٨ – ٣١ «٢٨ بْنِ مَلْكِي بْنِ أَدِّي بْنِ قُصَمَ بْنِ أَلْمُودَامَ بْنِ عِيرِ، ٢٩ بْنِ يُوسِي بْنِ أَلِيعَازَرَ بْنِ يُورِيمَ بْنِ مَتْثَاتَ بْنِ لاَوِي، ٣٠ بْنِ شَمْعُونَ بْنِ يَهُوذَا بْنِ يُوسُفَ بْنِ يُونَانَ بْنِ أَلِيَاقِيمَ، ٣١ بْنِ مَلَيَا بْنِ مَيْنَانَ بْنِ مَتَّاثَا بْنِ نَاثَانَ بْنِ دَاوُدَ».

زكريا ١٢: ١٢، ٢صموئيل ٥: ١٤ و١أيام ٣: ٥

هنا عشرون اسماً لمن كانوا بين داود والسبي. والذين ذكرهم متّى بين الاثنين أربعة عشر وممن تركهم متّى أربعة مشهورون وهم أحزيا ويوآش وأمصيا ويهوياقيم.

نَاثَانَ بْنِ دَاوُدَ (انظر ٢صموئيل ٥: ١٤ و١أيام ٣: ٥).

٣٢ – ٣٤ «٣٢ بْنِ يَسَّى بْنِ عُوبِيدَ بْنِ بُوعَزَ بْنِ سَلْمُونَ بْنِ نَحْشُونَ، ٣٣ بْنِ عَمِّينَادَابَ بْنِ آرَامَ بْنِ حَصْرُونَ بْنِ فَارَصَ بْنِ يَهُوذَا، ٣٤ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ تَارَحَ بْنِ نَاحُورَ».

راعوت ٤: ١٨ الخ و١أيام ٢: ١٠ الخ، تكوين ١١: ٢٤ و٢٦

الأسماء هنا وفق الأسماء في جدول متّى.

٣٥ – ٣٨ «٣٥ بْنِ سَرُوجَ بْنِ رَعُو بْنِ فَالَجَ بْنِ عَابِرَ بْنِ شَالَحَ، ٣٦ بْنِ قِينَانَ بْنِ أَرْفَكْشَادَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ لاَمَكَ، ٣٧ بْنِ مَتُوشَالَحَ بْنِ أَخْنُوخَ بْنِ يَارِدَ بْنِ مَهْلَلْئِيلَ بْنِ قِينَانَ، ٣٨ بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيتِ، بْنِ آدَمَ، ٱبْنِ ٱللّٰهِ».

تكوين ١١: ١٢، تكوين ٥: ٦ الخ و١١: ١٠ الخ، تكوين ٥: ١ و٢

الأسماء في هذه الأعداد مع اسمين في العدد الرابع والثلاثين لم يذكرها متّى. وأخذ لوقا هذه الأسماء من ترجمة السبعين المشهورة لا من التوراة العبرانية ولا فرق بينها في التوراتين سوى أنه ذُكر في العدد السابع والثلاثين اسم قينان وهو ليس في العبرانية والأرجح أن السبعين ترجمت عن نسخة عبرانية غير النسخة التي عندنا اليوم ولا أهمية لذلك الفرق البتة.

بْنِ آدَمَ (ع ٣٨) المراد بذلك بيان كون المسيح من نسل آدم. وأن كل الناس إخوة كقول بولس لأهل أثينا «وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ ٱلنَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ ٱلأَرْضِ» (أعمال ١٧: ٢٦). وأن آدم الأول مخلوق الله ورأس الخليقة الأولى هو رمز إلى آدم الثاني ابن الله الأزلي ورأس الخليقة الثانية الروحية.

ٱبْنِ ٱللّٰهِ أي أن الله خلقه بدءا لا بالولادة كسائر البشر.

You may also like