الرئيسية تفاسيرالكتاب المقدس الجزء الأول تحية وشكر (١كورنثوس ١: ١ – ٩) ( د.ق منيس عبد النور )

الجزء الأول تحية وشكر (١كورنثوس ١: ١ – ٩)

١ – تحية لكنيسة كورنثوس

١ بُولُسُ، ٱلْمَدْعُّوُ رَسُولاً لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ ٱللّٰهِ، وَسُوسْتَانِيسُ ٱلأَخُ، ٢ إِلَى كَنِيسَةِ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، ٱلْمُقَدَّسِينَ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٱلْمَدْعُّوِينَ قِدِّيسِينَ مَعَ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِٱسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَهُمْ وَلَنَا. ٣ نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلامٌ مِنَ ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ (١ كورنثوس ١: ١ – ٣)

يبدأ الرسول بولس بأن يقول إنّه مدعو من الله ليكون رسولاً، فيكتب باسم الله وبسلطانه. لم يفرض بولس نفسه رسولاً عليهم، إنما كان ذلك بمشيئة الله. وقد اشترك مع بولس في كتابة هذه الرسالة «سوستانيس» (راجع أعمال ١٨: ١٧). وسوستانيس هذا هو الذي كان رئيساً للمجمع، والذي اتهم بولس أمام غاليون، فضربه اليونانيون الواقفون لأن اتهامه كان ظالماً. ولعل الضرب أصلح من شأنه فعرف أنه كان مخطئاً واعتنق الدين الذي اضطهده. وهكذا صار سوتانيس صديقاً لبولس، وذهب يزوره في أفسس، يحمل إليه أخبار كورنثوس، فأملى عليه بولس الرسول هذه الرسالة. ويلقّبه بولس بسوستانيس «الأخ» وهذا يرينا أن كل المسيحيين أعضاء أحياء في عائلة الرب.

ويكتب بولس إلى «كنيسة الله». لا بد أن يكون المسيحي عضواً في جماعة، وكنيسة الله هي العائلة التي ينضم اليها المؤمن. والكنيسة – كنيسة الله – فهي لا تخص نفسها، بل هي خاصة الله الذي اختارها وبررها وقدسها، فهي له من عمل روحه ومن قوته. وأعضاء الكنيسة هم «مقدَّسون في المسيح»، تقدَّسوا بعد أن حصلوا على غفران خطاياهم. إنهم ليسوا قديسين من تلقاء أنفسهم، وليسوا مستقلين عن المسيح، ولكنهم مقدسون بسبب ثباتهم في المسيح، وفي حماية ملكوته لأنهم أعضاء جسده الروحي. والقول إنهم مقدسون مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح، يكشف لنا أن الكنيسة في ذلك الحين آمنت إيماناً كاملاً بعقيدة لاهوت المسيح وقيامته، فمن المستحيل أن نكون في المسيح وهو أقل من الله، ومستحيل أن نكون في مسيح قد مات. إذاً المسيح هو ابن الله وهو الحي. والرسول يقول إنهم مدعوون قديسين «جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان». هذا يعني أن الكنيسة واحدة، وقداستها شيء قصده الله لها. ثم يقول «في كل مكان لهم ولنا» فالرسول يحسب نفسه واحداً مع أهل كورنثوس، ومع الذين يملي عليه رسالته. وهكذا نجد إحساساً بالوحدة الكاملة بين الجميع.

هل هذا هو شعورك مع بقية الذين يحبون الله؟

كيف يمكن أن نسمّي مؤمني كورنثوس أنهم قديسون؟ الإجابة هي: إن القداسة هي مقام كل مؤمن في المسيح، مع أنها ليست حال كل مؤمن بالمسيح. والمطلوب أيها القارئ أن تجعل حالك مثل مقامك، فمقامك قديس. فليكن حالك حال القديسين.

ثم يحيّي الرسول أهل كورنثوس بقوله «نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح». والنعمة هي تحية اليوناني لزميله اليوناني، وهي أمنية بجمال الحياة مجاناً لشخص لا يستحق. أما السلام فهو تحية اليهودي لزميله اليهودي. ويجمع بولس سلام اليونان وسلام اليهود، لأن الكنيسة تضم مؤمنين من خلفية وثنية ومن خلفية يهودية، كانوا يتمنّون لبعضهم السلام والنعمة، لكن في المسيح فقط يصبح السلام والنعمة ممكنين. فلا يمكن أن تصبح الأمنية حقيقة إلا في المسيح يسوع ربنا ومن الله أبينا.

عزيزي القارئ، هناك حرب بين الناس وبين الله، إنهم يقولون له: ابعُد عنا! ولكن الله يريد أن يُنعم علينا بالسلام. هذا السلام ممكن فقط في المسيح، وهو الذي يجعلنا نقف من الله موقف الأبناء لا موقف العبيد والغرباء. بدون هذا السلام يصبح الله ديّاناً عادلاً يُهلك الخاطئ، لكن بإنعامه وبقبولنا لهذا الإنعام بالإيمان، يصير لنا سلام مع الله، ويتحقق فينا ما جاء في رومية ٥: ١ «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِٱلإِيمَانِ لَنَا سَلامٌ مَعَ ٱللّٰهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ». إن الله يدعوك إلى سلام معه بإنعامٍ منه. يدعوك للقداسة. يدعوك بأن تتوحَّد مع غيرك من المؤمنين بالمسيح، فتكّوِنون معاً جسد المسيح الواحد المنظور في العالم.

آية للحفظ

«نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلامٌ مِنَ ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (١كورنثوس ١: ٣)

صلاة

يا أبانا السماوي نشكرك لأنك تدعونا لنحيا لك حياة القداسة. تدعونا من العالم الخاطئ الشرير لنصبح خليقة جديدة. عندها نتمتع بسلام معك. أبانا أعطنا هذا السلام، وأفصلنا عن الخطيئة والنجاسة وعن كل ما يعطل اتصالنا بك. أعطنا نعمة الوحدانية مع غيرنا من المؤمنين، وليفِضْ في قلبنا سلامك ونعمتك.

سؤال

١ – كيف تبرهن ألوهية المسيح مما جاء في كورنثوس الأولى ١: ٢ ، ٣؟

٢ – شكر

٤ أَشْكُرُ إِلٰهِي فِي كُلِّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ عَلَى نِعْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمُعْطَاةِ لَكُمْ فِي يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٥ أَنَّكُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ ٱسْتَغْنَيْتُمْ فِيهِ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ وَكُلِّ عِلْمٍ، ٦ كَمَا ثُبِّتَتْ فِيكُمْ شَهَادَةُ ٱلْمَسِيحِ، ٧ حَتَّى إِنَّكُمْ لَسْتُمْ نَاقِصِينَ فِي مَوْهِبَةٍ مَا، وَأَنْتُمْ مُتَوَقِّعُونَ ٱسْتِعْلانَ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٨ ٱلَّذِي سَيُثْبِتُكُمْ أَيْضاً إِلَى ٱلنِّهَايَةِ بِلا لَوْمٍ فِي يَوْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. ٩ أَمِينٌ هُوَ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا (١كورنثوس ١: ٤ – ٩)

بالرغم من العيوب الكثيرة التي كانت موجودة في كورنثوس إلا أن الرسول بولس استطاع أن يرى ما يُوجب الشكر على أشياء كثيرة فيها. لا شك أن حياة جديدة قد بدأت في هؤلاء الناس، والرسول يشكر من أجلهم. إنه يشكر على شيء منحه الله لهم. فكل ما عند المؤمن ليس منه، ولكنه عطية من الله. لا شيء نابع من داخله، لكنه إنعام من الله عليه… «أشكر إلهي على نعمته المعطاة لكم».

ثم انه يشكر على أنهم قد تعلَّموا. ففي المسيحية نرى المُثل الأخلاقية الصحيحة. يعرف المسيحي أين هو الآن؟ يعرف أين كان، ويعرف إلى أين هو ذاهب؟ قد استغنى في كل كلمة وكل علم، كما أن شهادة المسيح قد ثبتت فيه. بمعنى أنه عرف بها، وظهرت فيه قوة تأثيرها. فحين نرى التغيير في حياة الإنسان نتأكد أن المسيح هو الذي غيَّر حياته ليخدم. ويقول «حتى أنكم لستم ناقصين في موهبة ما» فقد منح الله كنيسة كورنثوس الكثير من المواهب والنِعّم كما سنجد ذلك في الأصحاح الثاني عشر. ويقول «وأنتم متوقّعون استعلان ربنا يسوع المسيح» فهم ينتظرون مجىء المسيح ثانية. لقد جاء مجيئه الأول إلى عالمنا ليتمّم الخلاص، وسيجئ ثانية ليأخذ المؤمنين به ليمتّعهم بالمجد الكامل في السماء. والمؤمنون يتوقعون هذا.

ثم يشكر الرسول الرب القادر «أن يُثْبِت للنهاية» والقادر أن يثبت فى حالة اللالوم. «أمين هو الله». لسنا نحن الذين نعمل، ولكن الله هو الذي يعمل فينا «بالنعمة نحن مخلَّصون وذلك ليس منّا. هو عطية الله». أمين هو الله الذي به دُعينا إلى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا. أمانة الله هي سر بقائنا في الإيمان، فلسنا نحن الذين دعونا ولا خلَّصنا ولا قدَّسنا أنفسنا، لكن هو الذي أوجد الخلاص لنا من قبل وجودنا، وأحبنا من قبل أن نطلبه.

عزيزي القارئ، هل يمكن أن تشكر الله على نعمته التي أعطاها لك في المسيح؟ هل استغنيت في كل كلمة وفي كل علم. هل ملأتك معرفة المسيح؟ هل ثبتت فيك شهادة المسيح بخدمة تؤديها للرب؟ هل أنت لست ناقصاً في مواهب منحها الله لك؟ هل تنتظر مجئ المسيح ثانية من السماء؟ الله هو الذي يثبتك الى النهاية لأنه أمين. دعاك ويحفظ لك هذه الدعوة. ونلاحظ أن الكلمات التي استخدمها الرسول «معطاة» و «استغنيتم» و «ثُبِّتَت» تشير إلى زمن معيَّن مضى، ولا تشير إلى نمّو تدريجي. وهذه حالة ضعف في كنيسة كورنثوس. كان يجب أن يستمروا إلى الأمام، وأن يتقدموا باستمرار إلى ما هو أفضل. ليتنا نستطيع أن نفعل ذلك.

آية للحفظ

«أَمِينٌ هُوَ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا» (١كورنثوس ١: ٩)

صلاة

أيها الآب نشكرك لأنك دعوتنا إلى شركة كاملة مع ابنك يسوع المسيح، الذي خلصنا وقدسنا. علِّمنا أن ننتظر مجيئه لنستعد لاستقباله، مزيّنين بثمار الروح القدس لتمجيد الآب العظيم.

سؤال

٢ – ما هو المطلوب منا لنستطيع أن نعيش حياة توقع مجئ المسيح ثانية من السماء؟

You may also like