الرئيسية كتبدفاعيات كيف كتب الكتاب المقدس؟ جوش مكدويل

كيف كتب الكتاب المقدس؟ جوش مكدويل

بواسطة Mousa
93 الآراء

كيف كتب الكتاب المقدس؟

يتساءل الكثيرون عن خلفية الكتاب المقدس وأقسامه والمواد التي استعملت في إنتاجه. ونقدم للقارئ هنا بعض المعلومات التي تساعد على فهم ذلك، ليزيد تقديره لكلمة الله.

أولا – المواد المستعملة في كتابة الكتاب المقدس:

 

١ – مواد الكتابة:

  1. ورق البردي – لم نستطع الحصول على كل المخطوطات القديمة من الكتاب المقدس، لأنها كانت مكتوبة على مواد تبلى، معظمها من ورق البردي المصنوع من نباتات البردي التي كانت تنمو في المياه المصرية الضحلة. وكانت السفن الكبيرة المحملة بالبردي تصل إلى ميناء بيبلوس السوري، ومنها جاءت الكلمة اليونانية «بيبلوس» بمعنى «كتب». كما أن الكلمة الانكليزية «Paper» التي تعني «ورق» تجيء من الكلمة اليونانية التي تعني «البردي».

    أما طريقة صنع ورق البردي فكانت بقَطْع شرائح طولية رفيعة من نبات البردي، ودقها ثم لصق طبقتين منها على بعضهما، طبقة بالطول والأخرى مستعرضة عليها، وتوضع في الشمس لتجف، ثم ينعّمون سطحها بحجر أو بغير ذلك من المواد. وكان ورق البردي من تخانات مختلفة، بعضها رقيق جداً. وترجع أقدم أنواع ورق البردي الموجودة الآن إلى سنة ٢٤٠٠ ق.م. ولا يمكن لمخطوطات الكتاب المقدس المصنوعة من ورق البردي أن تعمر طويلاً، إلا إذا كانت محفوظة في أماكن جافة، كصحاري مصر أو كهوف وادي قمران حيث اكتشف مخطوطات البحر الميت. وقد استمر ورق البردي في الاستعمال حتى القرن الثالث بعد الميلاد.

  2. الرقوق – وهي من جلود الماعز والأغنام والغزلان والحيوانات الأخرى، بعد نزع الشعر عنها ومسحها لتصير صالحة للكتابة عليها. ويشتق إسم «الرقوق» في اللاتينية من مدينة «برغامس» في آسيا الصغرى، التي اشتهرت بعمل الرقوق.
  3. الرق – وهو إسم جلد العجل الذي كانوا يصبغونه باللون الارجواني ويكتب عليه باللون الفضي أو الذهبي. وتوجد اليوم مخطوطات قديمة منه ترجع إلى عام ١٥٠٠ ق.م.
  4. وهناك مواد أخرى للكتابة مثل الفخار الذي كثر وجوده في مصر وفلسطين. وقد ترجمت الكلمة في الكتاب المقدس «شقفة» (أيوب ٢: ٨) كما كانوا يكتبون على الأحجار بقلم من حديد. كما كانوا يكتبون على اللوحات الطينية بأدوات حادة، ثم يجففونها لتظل سجلاً باقياً (إرميا ١٧: ١٣ وحزقيال ٤: ١). وكانت هذه أرخص وسيلة، وأبقاها على الزمن. كما كانوا يكتبون بقلم معدني على ألواح خشبية مغطاة بالشمع.

٢ – أدوات الكتابة

  1. قلم من حديد للحفر على الحجر.
  2. قلم معدني مثلث الجوانب مسطح الرأس للكتابة على لوحات الطين أو الشمع.
  3. القلم المصنوع من الغاب وطوله من ست إلى ست عشرة بوصة له سن كالإزميل. وقد استعمله أهل ما بين النهرين. أما اليونانيون فقد استخدموا الريشة في القرن الثالث ق.م. (أرميا ٨: ٨).
  4. الحبر وكان يصنع من الفحم والصمغ والماء.

ثانياً – أشكال الكتب القديمة.

  1. الدرج الذي يصنعونه من لصق صفحات من ورق البردي ببعضها ثم يطوونها على خشبة أو عصا. وكانوا يكتبون على جانب واحد من الورق. وكانوا أحياناً يكتبون على جانبي الورق (رؤيا ٥: ١). وكانت الأطوال تختلف. فقد وجد درج طوله ١٤٤ قدماً. ولكن متوسط الطول كان من ٢٠-٣٥ قدماً. وقد قال كاليماخوس أمين مكتبة الاسكندرية «إن الكتاب الكبير مجلبة للتعب»
  2. الكتاب – لتسهيل القراءة كانوا يضعون أوراق البردي على بعضها ويكتبون عليها من الجهتين. وقد قال جرينلي أن المسيحية كانت الدافع الأساسي لتطوير شكل الكتاب إلى الشكل الذي نراه اليوم. وقد ظل المؤلفون يكتبون على «الدرج» حتى القرن الثالث م.

ثالثاً – أنواع الكتابة:

  1. الكتابة المنفصلة وفيها تكتب الحروف الكبيرة منفصلة عن بعضها. ومخطوطتا الكتاب المقدس المعروفتان بالفاتيكانية والسينائية، من هذا النوع.
  2. الكتابة المشبّكة التي تكتب فيها الحروف صغيرة مترابطة. وقد بدأ استعمال الحروف المشبّكة في القرن التاسع الميلادي.

وقد كتبت المخطوطات العبرية واليونانية بدون فواصل بين الكلمات كما أن التشكيل في العبرية بدأ في القرن التاسع الميلادي. ولم يخلق هذا صعوبة بالنسبة للكتابة اليونانية، لأنها تنتهي عادة بحروف خاصة معروفة بالدفثنج. كما أن الناس كانوا معتادين على قراءة هذا النوع من الكتابة، وكانوا يقرأونه عادة بصوت عال حتى لو كانوا منفردين!

رابعاً – أقسام الكتاب المقدس:

  1. الاسفار – (إنظر الفصل الثالث)
  2. الاصحاحات – جرى أول تقسيم للأسفار الخمسة الأولى عام ٥٨٦ ق.م.، إذ قسمت إلى ١٥٤ جزءاً لتسهيل قراءتها مرة كل ثلاث سنوات. وبعد ذلك بخمسين سنة قسمت إلى ٥٤ قسماً، كل قسم منها قسم إلى ٦٦٩ جزءاً لتسهيل الرجوع إلى الآيات.

    أما اليونانيون فقد قسموا الكتاب إلى أجزاء عام ٢٥٠ م. وكانت أول محاولة لتقسيم الاسفار إلى أصحاحات عام ٣٥٠ م. على هامش النسخة الفاتيكانية، ولم تتغير هذه الاقسام حتى القرن الثالث عشر، عندما قسم الاسفار إلى أصحاحاتها المعروفة حالياً ستيفن لانجتن الاستاذ بجامعة باريس الذي أصبح فيما بعد رئيس أساقفة كنتربري.

  3. الاعداد – أول تقسيم مقبول في العالم كله حدث عام ٩٠٠ م تقريباً. وكانت الترجمة اللاتينية المعروفة بالفولجاتا أول مخطوطة يتم فيها التقسيم إلى أصحاحات وإلى أعداد في العهدين القديم والجديد.

الفصل الثالث: الأسفار القانونية

الأسفار القانونية هي الكتب التي نستقي منها قوانين إيماننا (على حد تعريف القديس أوريجانوس) وهي الأسفار التي قبلتها الكنيسة كالكتب الموحى بها من الله. وقانونية الأسفار لم تقررها الكنيسة ولكنها قبلتها واعترفت بها، لأن الله هو الذي أوحى بها وأعطاها.

أولاً – مقياس قانونية السفر:

كانت هناك خمسة مقاييس لتقرير قبول أي سفر، وهي:

  1. هل بالسفر سلطان؟ هل جاء من الله وهل حوى عبارة «هكذا قال الرب»؟
  2. هل السفر نبوي، كتبه أحد رجال الله؟
  3. هل السفر موثوق به؟ (وقد قال الآباء: لو خامرك الشك في سفر فالقه جانباً).
  4. هل السفر قوي؟ هل فيه قوة إلهية قادرة على تغيير الحياة؟
  5. هل قبل رجال الله السفر وجمعوه وقرأوه واستعملوه؟ مثلاً: اعترف بطرس بكتابات الرسول بولس باعتبارها مساوية لكتابات العهد القديم (٢ بطرس ٣: ١٥،١٦)

ثانياً – قانونية العهد القديم:

  1. انتهى نظام تقديم الذبائح اليهودية بتدمير الهيكل عام ٧٠ م وتشتت اليهود، فأصبحوا في حاجة إلى تحديد الأسفار الموحى بها من الله، لكثرة الكتب التي كانت بين أيديهم، وهكذا صار اليهود أهل الكتاب الواحد الذي يجمعهم جميعاً.

    وبدأت المسيحية تزدهر وتنتشر، فانتشرت معها كتابات مسيحية مختلفة أراد اليهود أن يستبعدوها من القراءة في مجامعهم. ولذلك قسم اليهود كتبهم إلى الأقسام التالية:

    الشريعة (التوراة) الكتب (الكتوبيم)
    ١ – التكوين (ا) الكتابات الشعرية
    ٢ – الخروج ١ – المزامير
    ٣ – اللاويين ٢ – الأمثال
    ٤ – العدد ٣ – أيوب
    ٥ – التثنية (ب) المخطوطات الخمس
    الانبياء (النبيئيم) ١ – نشيد الأنشاد
    (ا) الانبياء الاولون ٢ – راعوث
    ١ – يشوع ٣ – المراثي
    ٢ – قضاة ٤ – أستير
    ٣ – صموئيل ٥ – الجامعة
    ٤ – الملوك
    (ب) الانبياء المتأخرون (ج) الكتب التاريخية
    ١ – إشعياء ١ – دانيال
    ٢ – إرميا ٢ – عزرا- نحميا
    ٣ – حزقيال ٣ – أخبار الايام
    ٤ – الإثنا عشر


    ومع أن هذه الأسفار هي بعينها التي لدى المسيحيين، إلا أن عدد الأسفار يختلف، فقد قسموا كلاً من صموئيل والملوك وأخبار الأيام إلى قسمين: كما أن اليهود يعتبرون الأنبياء الصغار سفراً واحداً. وترتيب الأسفار يختلف، فإن المسيحيين يقسمون الأسفار تقسيماً موضوعياً.

  2. المسيح يشهد لقانونية أسفار العهد القديم:

    تحدث المسيح مع تلاميذه في العلية أنه «لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَٱلأَنْبِيَاءِ وَٱلْمَزَامِيرِ» (لوقا ٢٤: ٤٤). وفي هذا نرى الاقسام الرئيسية الثلاثة للعهد القديم: الناموس والانبياء والكتب (التي يدعوها هنا «المزامير» لأنه السفر الأول والأطول فيها).

    وفي يوحنا ١٠: ٢١-٣٦ ولوقا ٢٤: ٤٤ اعترض المسيح على تقاليد الفريسيين الشفوية (راجع مرقس ٧ ومتى ١٥)، ولم يعترض مطلقاً على الاسفار القانونية.

    وفي لوقا ١١: ٥١ (وأيضاً متى ٣٣: ٣٥) «مِنْ دَمِ هَابِيلَ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا» وهنا يشهد المسيح بقانونية جميع أسفار العهد القديم، فهابيل هو الشهيد الأول (تكوين ٤: ٨) وزكريا آخر شهيد رجم وهو يشهد في الهيكل (٢ أخبار أيام ٢٤: ٢١) وفي أسفار اليهود نجد أن سفر التكوين هو السفر الأول، وأخبار الايام هو السفر الأخير. وكأنه يقول: «من التكوين إلى ملاخي» «بالنسبة لترتيب أسفار العهد القديم كما هي بين أيدينا الآن»

  3. أقدم شهادة عن أقسام العهد القديم الثلاثة نجدها من عام ١٣٠ ق.م. في مقدمة لسفر حكمة يشوع بن سيراخ، حيث يقول الكتاب: «الناموس والأنبياء وكتب الآباء الأخرى». وكتب المؤرخ يوسيفوس في نهاية القرن الأول المسيحي: «منذ أرتحشستا إلى وقتنا تسجل كل شيء، ولكن هذه السجلات لم تحظَ بالثقة التي حظيت بها السجلات القديمة، لأن سلسلة الانبياء توقفت. ولكن الإيمان الذي وضعناه في كتاباتنا يتّضح من سلوكنا، فإنه بالرغم من مرور الوقت الطويل لم يجرؤ أحد أن يضيف عليها شيئاً أو أن يحذف منها شيئاً أو يغير منها شيئاً». وقول يوسيفوس: «من وقت أرتحشستا» يشير إلى وقت كتابة السفر الأخير، الذي هو ملاخي، لأنه رغم أن اليهود يضعون سفر أخبار الايام في الآخر، إلا أن آخر ما كتب من الاسفار هو سفر ملاخي.

وقد جاءت الفكرة نفسها في التلمود، فيقول: «أن الاناجيل وسائر كتابات الهراطقة لا تنجس الأيدي. إن كتب ابن سيراخ وكل ما تلاها من كتابات ليست قانونية». وجاء به أيضاً: «حتى هذه النقطة (زمن الإسكندر الأكبر) تنبأ الانبياء بالروح القدس. ومن هذا الوقت فصاعداً أمِلْ أذنك واصغَ إلى أقوال الحكماء». ويقول التلمود البابلي: «بعد كتابات الانبياء الأخيرين حجي وزكريا وملاخي، فارق الروح القدس إسرائيل».

وقد سجل مليتو أسقف ساردس أقدم سجل لأسفار العهد القديم القانونية، يرجع تاريخه إلى عام ١٧٠ م، يقول إنه حصل على هذه الوثيقة الأكيدة في أثناء زيارته لسوريا. وقد كتب هذه الاسماء في رسالة بعث بها إلى صديقه أنسيميوس يقول: «أسماء الاسفار هي.. كتب موسى الخمسة: التكوين – الخروج – اللاويين – العدد – التثنية – يشوع بن نون – القضاة – راعوث. أربعة كتب للمملكة – اثنان لأخبار الايام – مزامير داود – أمثال سليمان (تسمى أيضاً الحكمة) – الجامعة – نشيد الأنشاد – أيوب. ومن الانبياء: أشعياء – أرميا – الإثنا عشر في كتاب واحد – دانيال – حزقيال – عزرا».

ونلاحظ أن مليتو أدمج المراثي مع أرميا، ونحميا مع عزرا (رغم غرابة وضعه سفر عزرا مع الانبياء). وهو يورد كل أسماء أسفار العهد القديم القانونية مرتبة بالنظام الذي جاءت به في الترجمة السبعينية، ما عدا سفر أستير، ولعله لم يكن موجوداً في الجدول الذي أخذه عن الأشخاص الذين جمع منهم مليتو معلوماته في سوريا. أما الاقسام الثلاثة الرئيسية للنص اليهودي، فهي مأخوذة من «المِشْنا».

ويشهد العهد الجديد لقانونية أسفار العهد القديم شهادة شاملة. راجع:

متى ٢١: ٤٢، ٢٢: ٢٩، ٢٦: ٥٤ و ٥٦

لوقا ٢٤

يوحنا ٢: ٢٢-٢٦، ٥: ٣٩، ١٠: ٣٥

أعمال ١٧: ٢ و ١١، ١٨: ٢٨

رومية ١: ٢، ٤: ٣، ٩: ١٧، ١٠: ١١، ١١: ٢، ١٥: ٤، ١٦: ٢٦

١ كورنثوس ١٥: ٣ و ٤

غلاطية ٣: ٨، ٣: ٢٢، ٤: ٣٠

١ تيموثاوس ٥: ١٨

٢ تيموثاوس ٣: ١٦

٢ بطرس ١: ٢٠ و ٢١، ٣: ١٦

«كما قال الكتاب» (يوحنا ٧: ٣٨) بدون تحديد فلا بد أنها إشارة إلى وحدة جميع أسفار الكتاب المقدس.

مؤتمر «جامنيا» Jamnia:

قد يقول قائل: «بالطبع قصة القانونية معروفة. لقد اجتمع بعض القادة وقرروا أي الكتب نافعة لهم، ثم دفعوا أتباعهم إلى قبولها». ولكن هذا أبعد ما يكون عن الصواب! فقد جرت مناقشات بين علماء الدين اليهود بعد سقوط أورشليم عام ٧٠ م. قام أحد العلماء من مدرسة هليل، من طائفة الفريسيين، إسمه يوحانان بن زكاي، وحصل على تصريح من الرومان بإعادة تشكيل السنهدريم على أساس روحي في جامنيا (تقع بين يافا وأشدود) وقد وصلتنا بعض المناقشات التي جرت في جامنيا، من ضمنها مناقشة حول قانونية أسفار: «الامثال والجامعة ونشيد الأنشاد وأستير، على أساس أن سفر أستير مثلاً لم يرد فيه ذكر اسم الله، والجامعة يصعب أن يقبل أفكاره بعض المحافظين. ولكن مناقشات جامنيا انتهت بالإعتراف بالأسفار التي عندنا على أنها الكتب المقدسة».

ثقتي في التوراة والإنجيل

جوش مكدويل

You may also like