الرئيسية كتبدفاعيات 19-الاعتراضات والرد عليها

كتاب الله ذاته ونوع وحدانيته

الاعتراضات والرد عليها

عوض سعان

الباب الخامس: الاعتراضات والرد عليها

في هذا الباب نرى

١ – الاعتراضات الفلسفية والرد عليها

٢ – الاعتراضات الدينية والرد عليها

الفصل الأول: الاعتراضات الفلسفية والرد عليها

هذه الاعتراضات واردة في مؤلفات لدوان وموريس وليمز وبنصون ومورتيمور وغيرهم، كما جاء في كتب: نظرات في العقائد المسيحية للاستاذ مصطفي سعداوي المهر، والعقائد الوثنية في الديانة النصرانية للاستاذ محمد طاهر، والمسيح والتثليث للدكتور محمد وصفي وغيرها من الكتب.

نرى من الواجب، ونحن في فاتحة هذا الفصل، أن ننبّر على أن هناك أدلة دينية وعقلية لا حصر لها، ذكرنا بعضها فيما سلف، وسنذكر البعض الآخر فيما يلي، تثبت أن اللّه ثلاثة أقانيم، ولذلك يحق لنا ألا نقيم وزناً لأي اعتراض يُوجّه إلى هذه الحقيقة. لكن نظراً لتأثر ضعفاء الإيمان بأقوال بعض مدّعي الفلسفة، نعلن من أول الأمر أن هناك عدداً كبيراً من هؤلاء المدَّعين قد أنكر وجود اللّه، وبالتالي أنكر كل وحي، ثم أخذ يسعى لمقاومة المسيحية بكل ما لديه من جهد، لعدم قدرته على فهم عقائدها، أو لتعارض مبادئها مع ميوله وأهوائه. ولذلك ادَّعى أن هذه العقائد ليست أصلية أو حقيقية، بل أنها مقتبسة من الأساطير الوثنية. ولكي يثبت صدق ادعائه راح يضيف إلى هذه الأساطير ويحذف منها ما يشاء، حتى تبدو حسب وجهة نظره مماثلة للعقائد المسيحية من بعض الوجوه. فيجب على الباحث المدقق أن يرجع إلى الكتب العلمية الصادقة الخاصة بالعقائد والأديان، حتى يعرف الحقيقة كما هي. وهذا ما فعلته، فقد درست كل ما عثرت عليه من هذه الكتب، ودرست معها تعليقات مؤلفيها التي أرادوا بها إيجاد أوجه شبه بين المسيحية والوثنية. فوجدت أن الكتب الأخيرة، على الرغم من هذه التعليقات، تختلف في مادتها عن كتب مدّعي الفلسفة اختلافاً عظيماً. وعلى ضوء الحقائق الصادقة التي وصلت إليها، أردُّ فيما يلي على اعتراضات المعترضين أو بالحري على تُرَّهاتهم:

اعتراض (١): «يعتقد فريق من الوثنيين في الهند أن هناك ثلاث هيئات أو أقانيم للّه، يطلقون عليها براهما وفشنو وسيفا، فبراهما هو الآب الممثل لمبادئ التكوين والخلق، وفشنو هو الابن الممثل لمبادئ الحماية والحفظ، وسيفا هو الروح القدس، الذي هو المبدي والمهلك».

الرد: (أ) لم تكن كلمة الأقانيم معروفة عند الهنود أو غيرهم من الوثنيين، لأنها من الكلمات المسيحية المحض، التي صيغت في القرن الثاني للدلالة على تعيُّنات اللاهوت. كما أن عبارة «هيئات اللّه» هي من تصنيف الفلاسفة الذين كانوا يحاولون تفسير أقانيم المسيحية تفسيراً فلسفياً بعيداً عن روح الكتاب المقدس، كما سنوضح في الباب السادس. فضلاً عن ذلك فإن وصف براهما بالآب وفشنو بالابن وسيفا بالروح القدس، ليس له أصل في الأساطير الهندية، إنما هو من تلفيق المعترضين، لكي يضللوا البسطاء من الناس. كما أن إسناد الخلق والتكوين إلى «الآب» والتدمير إلى «الروح القدس» دليل على عدم الدراية بالكتاب المقدس، لأن هذا الكتاب يسند الخلق والتكوين إلى اللّه، بواسطة أقنوم «الكلمة» أو «الابن»، ويسند الإحياء، لا التدمير، إلى الروح القدس.

(ب) فضلاً عما تقدم فإن قول المعترضين إن الوثنيين يعتقدون أن اللّه هو براهما وفشنو وسيفا، هو محض اختلاق، لأنه بالرجوع إلى الأساطير الهندية، يتضح لنا أن الهنود كانوا يعتقدون في أول الأمر بآلهة متعددة، ثم اختصروها على مر الأيام إلى ٣٣ إلهاً (كما يتضح من كتاب الفيدا). وزعموا أن كل إله من هذه الآلهة يمثل صفة من صفات روح عظيم أطلقوا عليه اسم «براهمان». ومن أهم هذه الآلهة «حانيشا» إله الحزم والبصيرة، و «كارتيكا» إله الحرب، و «إندرا» إله المطر، و «إجي» إله النار، و «فارونا» إله المحيط، و «باما» إله الموت، و «كورا» إله الثروة. لكنهم رفعوا براهما وفشنو وسيفا فوق غيرها من آلهتهم بدعوى أنها تمثل صفات الخلق والرعاية، والانتاج والتدمير، التي هي (كما يزعمون) أهم صفات «براهمان». كما أنه لم يخطر ببالهم مطلقاً أن يجعلوا هؤلاء الثلاثة واحداً كما يقول المعترضون. بل بالعكس كانوا يقولون إن كلاًّ منهم منفصل عن الآخر، ومختلف عنه في صفاته وطباعه وأعماله كل الاختلاف.

فبراهما يُمثَّل برجل يركب على ظهر أوزة، ويقال إنه كانت له رأس واحدة كغيره من آلهتهم، لكن عندما أخرج من ذاته أنثى له، وأخذ يتأمل فيها كلما انتقلت إلى جهة من الجهات، نبتت له أربعة رؤوس أخرى، بعدد الجهات التي كانت تنتقل إليها. ولما رأى سيفا أن براهما قد تملَّكه الإعجاب برؤوسه الخمسة انقضَّ عليه وقطع واحدة منها، وأصبح لبراهما أربعة رؤوس فحسب. وفشنو يُمثَّل بشاب جميل الصورة له أربعة أذرع، يلعب على ربابة أو مزمار، ويُقال إنه كان وديعاً وشفوقاً، وله عند الهنود عشرة آلاف اسم، وكانت امرأته تُدعى لاكشمى أو الحظ الحسن، ونظراً لجماله فان الهنود يذكرون اسمه بالارتباط مع الشمس والنهار.

أما سيفا فيُمثَّل برجل قوي قاس، ويقال إنه كانت له زوجة وولدان. وكان اسمه «رودا»، لأنه عندما وُلد كان يبكي (وكلمة «رودا» معناها «بكاء»). ويقال إنه عاش كل حياته شريداً، لأنه قطع رأس براهما، وأنه تزوج بعد ذلك ابنة ابن براهما بعد ما قتله في مجمع الآلهة. ويقال إنه تناول مرة طعاماً مسموماً، فلما رأت زوجته السم يسري في جسمه قبضت على رقبته لكي لا يصل إلى رأسه، فتجمع السم في رقبته واسودَّت.

ويقال إنه عندما ماتت زوجته، حمل جسدها، وفي نشوة من الجنون، أخذ يرقص به حول العالم. وسيفا كما يزعمون هو الذي تنتهي إليه أعمال براهما وفشنو، فهو الذي يخرجها ويلاشيها، ولذلك يُذكر اسمه مرتبطاً بالليل والظلام – ولكل إله من هذه الآلهة أنصار من الهنود، يميز كل منهم نفسه بعلامات خاصة.

وكان لبراهما في أول الأمر أنصار كثيرون، أما الآن فمعظم الوثنيين يعبدون فشنو وسيفا، والعبادة التي تُقَدَّم لفشنو مصحوبة بالفرح والسرور، بينما العبادة المقدَّمة لسيفا مصحوبة بالرعب والخوف، ولكل واحد من هؤلاء الثلاثة سرارٍ كثيرة، وحوادث غرامية يخجل المرء من ذكرها. فهل يمكن بعد هذه التفصيلات أن يظن إنسان ما أن تثليث المسيحية مقتبس من الأساطير الهندية؟!

اعتراض (٢): «يعتقد فريق آخر من وثنيي الهند أن بوذا ذو ثلاثة أقانيم، وأنه هو الألف والواو والميم، أي الأول والوسط والآخر، كما يقول النصارى عن المسيح».

الرد: فضلاً عن أن كلمة «الأقانيم» هي من صميم التعبيرات المسيحية، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك في سوء نية المعترضين وتلفيقهم، فإنه بالرجوع إلى أساطير الهنود لا نجد أساساً لهذا الاعتقاد على الاطلاق، كما أن كل الصور الخاصة ببوذا تمثّله رجلاً عادياً مثل غيره من الرجال، لأنه كان إنساناً حقيقياً عاش في الهند حوالي ٥٠٠ سنة ق. م، ورآه كثير من أهلها رؤية العيان. أما وصفه بأنه الأول والوسط والآخر، فلا يدل على أن المسيحيين قد استقوا عقيدة التثليث من الوثنيين، لأننا لا نقول إن الآب هو الأول والابن هو الوسط والروح القدس هو الآخر.

ولذلك فإن هذا الوصف يدل على أن الهنود قد اقتبسوا آراءهم، بعضهم من البعض الآخر، لأن الفريق السابق ذكره في الاعتراض الأول، كان يقول عن براهما إنه الأول، وعن فشنو إنه الوسط، وعن سيفا إنه الآخر. على اعتبار أن براهما، كما يزعمون، هو الخالق، وفشنو هو الحافظ لما خلقه براهما، وسيفا هو المُخَرِّب لما خلقه براهما وحفظه فشنو.

اعتراض (٣): «يعتقد فريق غيره من الهنود أن الواحد الذي هو أصل الوجود، اضطر إلى إيجاد ثان، ومن الثاني والأول انبثق ثالث».

الرد: هذا الاعتراض مختلق بأكمله، إذ ليس له أي أساس في الأساطير الهندية. ولا شك عندي أن المعترضين قد اقتبسوه من الفلسفة اليونانية وأسندوه زوراً إلى الأساطير الهندية، لأن فلاسفة اليونان هم الذين كانوا يعتقدون بهذا الاعتقاد، فكان يقول بعضهم عن الديمورج (أي الصانع) هو الآب، والمادة هي الأم، والعالم الذي نتج منهما هو الوليد. وكان بعض آخر يقول إن للوجود أصلين، هما الخير والشر، وباقترانهما معاً وُلد العالم.

وكان بعض غيرهم يقول إن الأصل الأول هو اللّه غير المدرَك، والثاني هو زوجته السكوت المفكر، وباقترانهما معاً وُلدت الكائنات. ولكن المعترضين استعملوا كلمة «انبثق» المسيحية بدلاً من كلمة نتج أو ولد الوثنية، للتمويه على القراء. فضلاً عن ذلك فإننا نحن المسيحيين لا نعتقد أن الآب هو أصل الوجود، أو أنه اضطر إلى إيجاد الابن.

وإن كنا نعتقد أن الروح القدس منبثق من عند الآب، أو من عند الآب والابن، إلا أننا نعتقد أنه كان أزلاً مع الآب والابن، لأن الثلاثة أقانيم هم تعيُّن اللاهوت، واللاهوت لا بدء له، وهو واحد ووحيد ولا تركيب فيه على الاطلاق. وما معنى الانبثاق هنا إلا الظهور، كما سيتبين في الباب التالي.

اعتراض (٤): «كان قدماء المصريين يعتقدون بمجموعات من الآلهة، كل مجموعة منها مكوَّنة من ثلاثة أقانيم. فالمجموعة الأولى كانت مكونة من أمون وكونس وموت، والثانية من أوزيريس وإيزيس وهورس، والثالثة من خنوم وساتيت وعنقت. والأول من كل مجموعة، هو الأب، والثاني هو الابن، والثالث هو الروح القدس».

الرد: ألفاظ الآب والابن والروح القدس هنا هي ألفاظ اختلقها المعترضون للتمويه على القراء، إذ أنه ليس لها أساس في عقيدة قدماء المصريين. كما أن كلمة «الأقانيم» كما ذكرنا مراراً، من صميم التعبيرات المسيحية التي لم تكن معروفة قبل وجودها. فضلاً عن ذلك فإننا إذا رجعنا إلى عقيدة قدماء المصريين، وجدنا أنها لم تنصّ على أن كل مجموعة من هذه الآلهة تكوّن إلهاً واحداً، بل بالعكس كانت تنصّ على أن هذه الآلهة منفصل أحدها عن الآخر كل الانفصال. والدليل على ذلك أنهم كانوا يمثلون أمون برجل، وكونس (وصحته خنسو) بالقمر، وموت بأنثى العُقاب، وأوزيريس برجل، وإيزيس بامرأة، وحورس بالصقر، وخنوم بالكبش، وساتيت زوجته الأولى بامرأة وعتقت زوجته الثانية بامرأة أخرى، وكان كل إله من هذه الآلهة خاصاً بقسم من أقسام مصر. فلكي يوحّد قدماء المصريين هذه الأقسام ويكوّنوا منها مقاطعات كبيرة، قرنوا آلهة كل ثلاثة أقسام تقريباً معاً، وكوّنوا منها مجموعة واحدة، وجعلوا فوق هذه المجموعات، التاسوع المصري العظيم، برياسة «رع» – الأمر الذي يدل على تلفيق المعترضين للحقائق لغرض في نفوسهم.

اعتراض (٥): «كان أهل بابل يعتقدون بثالوث مكوَّن من أب وأم وابن».

الرد: فضلاً عن أن عقيدة التثليث المسيحية لا تنصّ على أن اللّه هو أب وأم وابن، بل تنص على أنه هو «الآب والابن والروح القدس» الأمر الذي لا يدع مجالاً لهذا الاعتراض، نقول إن أهل بابل لم يكونوا يعتقدون حتى بثالوث مكوَّن من أب وأم وابن، مثل غيرهم من وثنيي الشعوب القديمة، بل بثالوث آخر يشغل الابن فيه مركز الزوج لأمه (أي أنه ثالوث مكوَّن من أم وابن هو في الوقت نفسه زوجها) إذ كانوا يعتقدون أن نمرود مؤسس مملكتهم قد تزوج من أمه سميراميس، فأصبح إلهاً.. هذا هو التثليث الذي يقول المعترضون إن المسيحيين اقتبسوا عقيدتهم منه!!

اعتراض (٦): «كان الفُرس يعتقدون بإله مثلث الأقانيم هو أورمازدا الخالق ومتراث المخلص وإهرمان المهلك» كما أن كلاً من الكلدانيين والصينيين واليابانيين كان لهم إله مثلث الأقانيم.

الرد: لم يكن أحد من الفُرس أو الكلدانيين أو الصينيين أو اليابانيين، أو غيرهم من الشعوب الوثنية القديمة، يؤمن بإله واحد مثلث الأقانيم (كما يقول المعترضون) لأن كل الوثنيين كانوا يؤمنون بآلهة متعددة. وبمرّ الأيام اكتفوا منها بإلهين أو ثلاثة أو أكثر، جعلوها أفضل من غيرها من الآلهة. وهذه الآلهة منفصل أحدها عن الآخر كل الانفصال، ومختلف عنه أيضاً كل الاختلاف ولذلك لا يُعقل مطلقاً أن تكون عقيدة التثليث المسيحية مقتبسة من عقائد الوثنيين في آلهتهم.

كان الفُرس (بعكس ما يقول المعترضون) يعتقدون بإلهين رئيسيين، هما «أورمازدا» إله الخير و «إهرمان» إله الشر. والأول، كما يقولون، سيبقى إلى الأبد والثاني سيزول نهائياً من الوجود. أما «متراث» الذي يقول عنه المعترض إنه واحد من ثالوث الفُرس، فهو أحد آلهة المرتبة الثانية، التي كان الفُرس يؤمنون بها، بجانب هذين الاثنين، ولكن شاء المعترض أن يزجّ باسم متراث معهما، ليوهم المسيحيين أن عقيدة التثليث التي يؤمنون بها، مقتبسة من وثنيي الفُرس.

أما الكلدانيون فكان فريق منهم يعتقد بثلاثة آلهة هي «أنو» الرئيس الأعلى وسيد الظلام، و «بيل» أو «بال» خالق العالم وسيد الأرض والسماء، ويا إله العلوم والمعارف. وفريق آخر كان يعتقد بثلاثة غيرها هي «سين» القمر، و «شماس» الشمس، و «أراد» المناخ. وكان الصينيون يعتقدون بثلاثة آلهة، هي السماء والشمس والقمر، ثم اعتقدوا بثلاثة غيرها هي بوذا وذمة وسنجه، واعتبروا الأول مؤسس الديانة، والثاني نفس الديانة، والثالث هو الطائفة. وكان اليابانيون يعتقدون أن إله السماء أزاناجي تزوج أخته فولدت جزائر اليابان، ثم لقحاها ببذور الآلهة، فأخرجت اليابانيين. أما الشمس فخرجت من عين أزاناجي اليسرى، والقمر من عينه اليمنى، والرياح والأمطار من عطسه. فهل بعد هذه الاقتباسات يوجد شخص عاقل يصدق أن عقيدة التثليث المسيحية مقتبسة من الديانات الوثنية؟

أما السبب الذي دعا بعض الوثنيين إلى الاكتفاء بثلاثة آلهة، فيرجع كما يرى كل باحث مدقق، إلى أنهم كانوا يعتقدون أن العدد (٣) هو أول عدد كامل. أما المسيحيون فلم يقتبسوا عقيدتهم من آراء البشر واصطلاحاتهم، بل من أقوال الوحي التي لا يأتيها الباطل. ومن باب المصادفة البحتة، تبيَّن أن البشر يعتقدون أن العدد (٣) هو أول عدد كامل.

فإذا أضفنا إلى ذلك أن عقيدة التثليث المسيحية تختلف كل الاختلاف عن عقائد الوثنيين في آلهتهم، كما تختلف أيضاً كل الاختلاف عن آراء الفلاسفة جميعاً، وأن كل القرائن تدل على أن الرسل لم يقتبسوا شيئاً من العقائد الوثنية أو الآراء الفلسفية، بل كانوا يسجلون تعليم المسيح وحده. اتضح لنا أن كل الاعتراضات السابقة لا نصيب لها من الصواب إطلاقاً. وقد شهد بهذه الحقيقة الأستاذ عباس محمود العقاد، فقال: «فكرة اللّه في المسيحية، لا تشبهها فكرة أخرى في ديانات ذلك العصر الكتابية أو غير الكتابية». وقال أيضاً: «روح المسيحية في إدراك فكرة اللّه، هي روح متناسقة تشفُّ عن جوهر واحد، لا يشبهه إدراك فكرة اللّه في عبادة من العبادات الوثنية، فالإيمان باللّه على تلك الصفة فَتْح جديد لرسالة السيد المسيح، لم يسبقه إليها في اجتماع مقوّماتها رسول من الكتابيين ولا غير الكتابيين، ولم تكن أجزاءً مقتبسة من هنا وهناك، بل كانت كلاماً متجانساً من وحي واحد وطبيعة واحدة» (كتابه «اللّه» ص ١٤٩، ١٥٤).

اعتراض (٧): «اقتُبست عقيدة التثليث من آراء فيلون اليهودي الذي وُلد سنة ٤٠ ق.م، لأنه كان يقول بوجود كائن يُدعى «الكلمة» يقرن اللّه بالمخلوقات، ويقرن المخلوقات باللّه» .

الرد: (أ) لم يردْ ذكر أقنوم «الكلمة» الذي هو أحد أقانيم الثالوث الأقدس في الإنجيل وحده حتى كان يجوز الادّعاء بأن عقيدة التثليث مقتبسة من آراء فيلون، بل أن التوراة التي كانت في الوجود قبل فيلون بمئات السنين، ذكرت الشيء الكثير عنه، كما اتضح لنا في الباب الأول.

(ب) تنصّ عقيدة التثليث على أن الآب والابن والروح القدس هم اللّه الواحد، وأن كلاًّ من الآب والابن والروح القدس له أقنوميته الخاصة. لكن فيلون كان يقول إن الكلمة ليس هو اللّه، بل هو مخلوق خلقه اللّه، وإنه ليس أقنوماً بل هو العقل أو الفكر. فضلاً عن ذلك فإنه لم يذكر شيئاً عن الروح القدس إطلاقاً، ولذلك لا يعقل أن تكون عقيدة التثليث، قد اقتُبست من آراء فيلون كما يقول المعترضون.

(ج) فضلاً عن ذلك، فإن رأي فيلون في «الكلمة» هو رأي كثيرين من الفلاسفة في كل دين من الأديان. وكل ما في الأمر أن بعضهم كان يستعمل عوضاً عن «الكلمة» عبارة «العقل المدبر للكون» أو عبارات مشابهة لها. ويرجع السبب في إجماعهم على التسليم بوجود هذا الكلمة أو العقل، إلى اعتقادهم أن وحدانية اللّه مطلقة أو مجردة، لأنه إذا كانت هذه وحدانيته، فانه يكون منزَّهاً عن الاتصال بالعالم مباشرة، لأن اتصاله به يجعله معرَّضاً للتغيُّر والتطوُّر. وهذا دليل غير مباشر على أن كون اللّه ثلاثة أقانيم، أمر يتوافق مع ثباته.

اعتراض (٨): «اقتُبست عقيدة التثليث من آراء أفلوطين، الذي عاش في القرن الثاني للميلاد، لأنه كان يقول إن اللّه أقانيم».

  1. الرد: ليست عقيدة التثليث دخيلة على المسيحية، بل إنها صُلب رسالة التوراة والإنجيل معاً.
  2. لم يظهر أفلوطين إلاّ بعد انتشار المسيحية بقرنين، كان التثليث فيهما معروفاً كل المعرفة عند المسيحيين، كما كان موضوع شهادة علمائهم ورجال الدين منهم، كما سنوضح في الباب السادس.
  3. اقتُبست عناصر فلسفة أفلوطين من فلسفة أفلاطون (ولذلك سُميت بالأفلاطونية الحديثة) كل ما في الأمر أنه استعار الاصطلاحات المسيحية واستعملها في التعبير عن الآراء التي اقتبسها منه.
  4. تختلف آراء أفلوطين عن عقيدة التثليث، لأنه نفى عن الأقنوم الأول الوجود الواقعي، فقال إنه ليس جوهراً، وإنه لا يتصف بصفة ولا يتصل بغيره. وفَصَل «الابن» عن «الآب» إذ جعل «للابن» جوهراً وصفات خاصة، كما جعل «الروح القدس» نفساً للعالم. وأكثر من ذلك جعل المادة أقنوماً رابعاً للاهوت، الأمر الذي يدل على أنه اقتبس آراء من أفلاطون، لأن هذا كان يعتقد أن المادة التي صُنع منها العالم أزلية. ولذلك لا يُعقل مطلقاً أن تثليث المسيحية قد اقتُبس من آراء أفلوطين.

اعتراض (٩): «رسل المسيح هم الذين ابتدعوا عقيدة التثليث وأذاعوها بين الناس».

الرد: (أ) إن عقيدة التثليث أصلية في التوراة كما تبين لنا في الباب الأول. وعندما جاء السيد المسيح إلى الأرض أعلن صدقها بكل وضوح وجلاء، كما تبين من البابين الثاني والثالث. فإذا أضفنا إلى ذلك، أن هذه العقيدة ليس لها نظير في الطبيعة أو مؤلفات أهل العالم على الاطلاق، كما قلنا في الرد على الاعتراض السادس، وأن الرسل كان يختلف بعضهم عن البعض الآخر في الطباع والثقافة والسن والنشأة والعمل، كما حلَّت بهم كثير من المحن والاضطهادات اضطرتهم إلى التشتُّت في نواحي العالم المتعددة، اتضح لنا أنه لا يمكن أن يكونوا قد اتفقوا فيما بينهم على ابتداع عقيدة التثليث أو غيرها من العقائد المسيحية.

(ب) ولو فرضنا جدلاً أن الرسل قد ابتدعوا عقيدة التثليث (كما يقول المعترضون) فهل من المعقول أنهم كانوا يجرؤون على إذاعتها، وهم يعلمون تمام العلم أنها تتعارض كل التعارض مع ما يتمسك به الناس من عقائد عن اللّه، وأنها أسمى من مداركهم سمواً لا يستطيعون بلوغه على الاطلاق، وأنهم بذلك يعرّضون أنفسهم لمقاومة هؤلاء الناس واضطهادهم، كما يعرّضون كل تعاليم الإنجيل للرفض والمقاومة؟! الجواب: طبعاً كلاَّ. إذن فإذاعتهم لهذه العقيدة على الرغم من كل ذلك دليل على أنهم لم يبتدعوها، بل عرفوها من المسيح نفسه.

كما أننا لو فرضنا أيضاً جدلاً أنهم ابتدعوها وأذاعوها على الرغم من كل هذه الموانع والعوائق، أما كانوا يحاولون البرهنة على صدقها بالأدلة التي كانوا يرونها كافية لإقناع الناس؟! الجواب: طبعاً نعم. لكن إذا فحصنا الكتاب المقدس لا نعثر في عبارة واحدة منه على أية محاولة من هذا النوع. كما أننا إذا تأملنا جميع الآيات الخاصة بالتثليث، رأينا أنها لا ترِد بأسلوب يلفت النظر إليها بصفة خاصة، أو يدل على أنها متعلّقة بموضوع جديد، لا علاقة له بغيره من الموضوعات الكتابية،

بل ترِد بأسلوب الكتاب المقدس العادي، وفي حالة التوافق الكامل مع جميع موضوعاته الأخرى. وقد اشار الأستاذ العقاد إلى هذه الحقيقة، فقال في كتابه «اللّه» ص ١٤١ «الأناجيل تدل على رسالة واحدة صدرت من وحي واحد». ولذلك ليس هناك مجال للظن بأن الرسل قد ابتدعوا هذه العقيدة كما يقول المعترضون.

(ج) أخيراً نقول، إن الرسل كانوا من اليهود، الذين تعلموا منذ نعومة أظافرهم أنه لا يوجد إلاّ إله واحد، وأن من يشرك به يُرجَم في الحال بواسطة أهله وعشيرته (تثنية ١٣: ١٠). لكن لما اتصلوا بالسيد المسيح، وشاهدوا كماله المطلق، وسلطانه الذي لا حدَّ له على الموت والطبيعة، وسمعوا شهادته عن نفسه (يوحنا ٨: ٣٥)، وشهادة السماء أيضاً عنه أنه ابن اللّه، مرة عند المعمودية، وأخرى عند التجلي (متى ٣: ١٧، ١٧: ٥)، ثم رأوه في أواخر خدمته على الأرض قد غلب الموت الذي غلب الناس قاطبة، فقام من بين الأموات في اليوم الثالث، كما سبق وقال، وصعد بعد ذلك بجسده حياً إلى السماء (أعمال ١: ٩)، مخالفاً بذلك نواميس الطبيعة جميعاً، واختبروا بعد صعوده عنهم حضوره بالروح معهم، وشفاءه للمرضى وإقامته للموتى على أيديهم، عندما كانوا يذكرون اسمه (أعمال ٣: ٦، ٤: ١٠)، أيقنوا كل اليقين أنه «الابن» أو «الكلمة» أو «الحكمة» الذي سبق وشهد الأنبياء عنه.

أما من جهة «الآب»، فقد سمعوا من السيد المسيح عنه، وعن علاقته به ووحدته معه في اللاهوت بكل صفاته وخصائصه، وعن محبته أيضاً لهم واهتمامه بأمرهم (يوحنا ١٦: ٢٧). كما سمعوا صوت الآب، مرة عند المعمودية وأخرى عند التجلي (متى ٣: ١٦، ١٧: ٥) ولذلك أدركوا كل الإدراك أنه «تعيُّن» آخر للاّهوت.

وكذلك «الروح القدس». فقد سمعوا من المسيح عنه وعن علاقته به ووحدته معه في كل شيء، وعن وجوب طاعتهم لإرشاده وتعليمه، كما سمعوا منه الوعد بمجيئه إليهم أو ظهوره لهم، ليكون فيهم يعلّمهم ويرشدهم ويقدّرهم على القيام برسالتهم (يوحنا ١٦: ١٣-١٦). وبعد صعود المسيح بعشرة أيام، اختبروا فعلاً ظهور الروح القدس وحلوله عليهم، كما اختبروا بعد ذلك مواهبه وقوته، وتوجيهه لهم في دعوة الناس وهدايتهم (أعمال ١٣: ٢)،

فأدركوا عملياً أنه تعيُّن ثالث للاّهوت. ولذلك لم يشيروا إليه في حديثهم عنه بالكلمة المقابلة لـ «it» الإنكليزية، التي تُستعمل (فيما تُستعمل لأجله) للشيء العام أو المبهم، والتي كانت تُستعمل في أيامهم للروح عامة، بل أشاروا إليه بالكلمة المقابلة لـ «he» الإنكليزية، التي لا تُستعمل إلا للمذكر العاقل، على اعتبار أن الضمير المستعمل مع لفظ الجلالة «اللّه»، هو ضمير المذكر العاقل (إقرأ يوحنا ١٤: ١٦، ١٧، ٢٦، ١٥: ٢٦، ١٦: ٧، ٨، في الأصل اليوناني في الترجمة الإنكليزية مثلاً).ناني في الترجمة الإنكليزية مثلاً).

مما تقدَّم يتضح لنا أن الرسل فضلاً عن أنهم لم يبتدعوا عقيدة التثليث، فإنه لم يكن أيضاً يدور بخلدهم عندما بشّروا وكتبوا عن «الآب والابن والروح القدس» أنهم يثيرون معضلة فكرية، لأنهم كانوا يؤمنون بإله أو لاهوت واحد، كما يؤمن سائر اليهود المؤمنين.

ومن الناحية الأخرى كانوا مقتنعين كل الاقتناع، بناءً على اختبارهم الشخصي، أن هذا الإله الواحد أو اللاهوت الواحد، هو بعينه «الآب والابن والروح القدس» كما سبق المسيح وأعلن لهم، ولذلك نادوا بالتثليث دون تردد – فالمسيح لم يفرض هذه العقيدة على الرسل فرضاً، ولا هم آمنوا بها إيماناً أعمى (كما يُقال)، ولا هم ابتدعوها من عندياتهم كما يقول المعترضون، بل عرفوها من المسيح، واختبروا حقيقتها بأنفسهم مرات متعددة، وهذا دليل قاطع على صدقها.

اعتراض (١٠): «كيف يكون الآب إلهاً، والابن إلهاً، والروح القدس إلهاً، ولا يكونون ثلاثة آلهة!».

الرد: إننا لا نؤمن أن الآب إله، والابن إله، والروح القدس إله، حتى يصح الاعتراض بأننا نؤمن بثلاثة آلهة، بل نؤمن أن الآب هو اللّه والابن هو اللّه والروح القدس هو اللّه. ولا مجال للاعتراض على ذلك إطلاقاً، لأنه بما أن جوهر الآب (وهو اللاهوت) هو نفسه جوهر الابن، وهو نفسه جوهر الروح القدس، وبما أن اللاهوت أو اللّه واحد ووحيد ولا يتجزأ أو يتفكك على الإطلاق –

إذن فلا غبار على القول إن كلاًّ منهم هو اللّه، وإنهم معاً هم اللّه. هذه حقيقة منطقية لا شك فيها، وإن كانت لا تتحقق في أي كائن من الكائنات المنظورة، وذلك بسبب تكوّنها من عناصر وأجزاء، إلا أنها تتحقق في ذات اللّه وتتوافق مع كماله كل التوافق، لأنه واحد ووحيد، وأقانيمه ليسوا أجزاء أو عناصر فيه، بل هم تعيُّنه الخاص، أو بتعبير آخر هم عين ذاته.

اعتراض (١١): «إذا كان جوهر الأقانيم واحداً، فلماذا يكونون ثلاثة؟».

الرد: هذا الاعتراض سبق الرد عليه في التمهيد، فقد قلنا إنهم واحد من ناحية الجوهر أو الذاتية، وثلاثة من ناحية التعيُّن أو الأقنومية، ولا تناقض في ذلك على الإطلاق. أما لماذا كان اللّه ثلاثة أقانيم مع أنه جوهر واحد، فهذا سؤال لا يسأله عاقل، لأننا لا نعرف علل الأشياء جميعاً، لا سيما ما كان منها فوق الطبيعة، لكن نعلم علم اليقين، انه لولا أن اللّه أقانيم، لَمَا كانت صفاته بالفعل، بل ولَمَا كانت له صفات إيجابية إطلاقاً، ولَمَا كانت له تبعاً لذلك أية علاقة مع خلائقه. هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى، لكان قيامه بالخلق (لو فرضنا جواز قيامه به، وهو على هذه الحال) أمراً ضرورياً له، لجأ إليه ليبرز به صفاته، ولكان أيضاً قد تعرض بسببه للتطور والتغيُّر، كما قلنا في التمهيد. فكون اللّه ثلاثة أقانيم هو من مستلزمات الكمال الذي يتصف به، لأنه على أساسه (إن جاز هذا التعبير) تكون صفاته بالفعل منذ الأزل، ويكون مستغنياً بذاته عن كل شيء سواها، ويكون ثابتاً لا يتعرض للتغيُّر أو التطور، عند قيامه بأي عمل من الأعمال.

اعتراض (١٢): «أليس بقولنا إن اللّه هو الآب والابن والروح القدس، قد اعتبرناه مُرَكَّباً، وكل مُرَكَّب قابل للتجزئة، مع أنه حاشا للّه أن يكون مُرَكَّباً أو قابلاً للتجزئة؟».

الرد: المُرَكَّب هو المكوَّن من أكثر من عنصر واحد، والأقانيم ليسوا عناصر في اللّه أو أجزاء فيه، بل إنهم تعيُّنه الخاص. وتعيُّن اللّه وجوهره واحد، لأن اللّه هو اللاهوت، واللاهوت هو اللّه، ولذلك فكون اللّه هو الآب والابن والروح القدس لا يدل على أنه مُرَكَّب. وبما أنه ليس مُرَكَّباً لا يكون قابلاً للتجزئة بأي وجه من الوجوه.

اعتراض (١٣): «إن التثليث يجعل اللّه جنساً من الأجناس، أو نوعاً من الأنواع، مع أنه لا شريك له».

الرد: الجنس، كما يقول رجال المنطق، هو كُلي ذاتي تندرج تحته أفراد (أو أصناف) مختلفة من جنسه. فالنبات جنس يشمل القطن والقمح والذرة وغير ذلك. والنوع هو كُلي ذاتي تندرج تحته أفراد (أو أصناف) متشابهة من نوعه. فالقمح مثلاً نوع من أنواع النبات، يشمل أصنافاً كثيرة مثل القمح الهندي والصعيدي والبحيري. وعلى ضوء هذه الحقيقة نقول: بما أن اللّه في ثالوثه ليس واحداً من أفراد متشابهة أو مختلفة، لأن ثالوثه ليس شيئاً سوى ذاته عينها، لذلك لا يعتبر في ثالوثه جنساً من الأجناس أو نوعاً من الأنواع.

اعتراض (١٤): «إذا كان اللّه لا يُعتبر في ثالوثه جنساً من الأجناس أو نوعاً من الأنواع، فلماذا يُقال في بعض دروس المنطق «هناك من الألفاظ والتصورات ما يعده الواحد مفرداً أو جزئياً، ويعده الآخر عاماً أو كلياً. فمثلاً اللفظ «اللّه»، يعده الموحِّد مفرداً أو جزئياً، بينما يعده المُشرِك عاماً أو كلياً، بوصفه اسم واحد من الآلهة التي يؤمن بها».

الرد: إن كان المراد بالمشرك في هذه العبارة هو المسيحي، فليس هناك مسيحي في الوجود، يؤمن بآلهة أو إله مع اللّه. وإن كان المراد به هو الوثني، فالوثني لا يؤمن بـ «اللّه» بل يؤمن بآلهة غير «اللّه». لأنه لو كان يؤمن بـ «اللّه» بأل التعريف، كما يؤمن المسيحي، لما آمن بآلهة غيره. ولذلك فالمراد بالمشرِك في هذه العبارة لا يمكن أن يكون هو الوثني أو المسيحي. وإذا كان الأمر كذلك، علمنا أن جهل أساتذة المنطق بحقيقة التثليث في المسيحية هو الذي جعلهم يخلطون الحق بالباطل فينتقدون ما هو جدير بالتأييد، ويتهكمون على ما هو جدير بالاعتبار والتقدير.

اعتراض (١٥): «وكيف يكون الثلاثة أقانيم واحداً، مع أن لكلٍّ منهم عملاً خاصاً!».

الرد: بما أن قيام أي أقنوم بعمل من أعمال اللاهوت لا يكون بالاستقلال عن الأقنومين الآخرين، بل بالاتحاد معهما، وذلك لوحدة جوهرهم، كما ذكرنا مراراً وتكراراً، لذلك ليس هناك أي تناقض بين قيام كل منهم بعمل خاص، وكونهم معاً اللّه الواحد.

You may also like