الرئيسية كتبدفاعيات 4- ماهية الجامعية في الوحدانية الإلهية

4- ماهية الجامعية في الوحدانية الإلهية

بواسطة nancy tharwat
81 الآراء

كتاب اللّه ذاتهُ وَنوع وَحدَانيتهِ –

ماهية الجامعية في الوحدانية الإلهية

لعوض سمعان

الفصل الثالث: ماهية الجامعية في الوحدانية الإلهية

يعتقد بعض الفلاسفة الذين أدركوا أن وحدانية اللّه وحدانية جامعة أو شاملة، أن هذه الجامعية أو الشمول هي ذاته وصفاته. لكن هذا الاعتقاد لا يتفق مع الخصائص اللائقة باللّه، لأننا لو فرضنا أن جامعية اللّه أو شموله هي ذاته وصفاته. وصفاته كما مرَّ بنا كانت بالفعل أزلاً، فإنه يترتب على ذلك أن اللّه كان في الأزل يكلم صفاته ويسمعها، ويبصرها ويحبها، ويريدها ويعلمها. أو أن صفاته كانت تكلمه وتسمعه، وتبصره وتحبه، وتريده وتعلمه. أو أنها كان يكلم بعضها بعضاً، ويسمع بعضها بعضاً، ويبصر بعضها بعضاً، ويحب بعضها بعضاً، ويريد بعضها بعضاً، ويعلم بعضها بعضاً أزلاً.

وكل ذلك باطل. لأن اللّه لا يتعامل مع الصفات، ولا الصفات تتعامل مع اللّه، أو مع بعضها البعض، لأن التعامل لا يكون إلا بين التعيّنات العاقلة، والصفات معان وليست تعيّنات. والمقصود «بالمعاني» في قولنا هذا ما ليس له وجود واقعي، بل ما وجوده في الذهن فحسب.

ولذلك فجامعية اللّه لا يمكن أن تكون هي ذاته وصفاته، بأي وجه من الوجوه. وإذا كان الأمر كذلك، فما هي جامعيته إذن؟

الجواب: إنها كما ذكرنا في الفصل الأول، هي ذاته عينها. فذاته مع وحدانيتها، وعدم وجود تركيب فيها، هي بنفسها جامعة، أو بتعبير آخر إنها ليست تعيناً واحداً بل تعيّنات.

وطبعاً ليس معنى ذلك أن اللّه قائم بآلهة مشابهة له. كلا، لأن اللّه لا شريك له ولا نظير. وليس معناه أنه ذات في ذوات، أو ذوات في ذات. كلا، لأنه ذات واحدة لا تركيب فيها على الإطلاق. بل معناه أن ذاته الواحدة التي لا تركيب فيها هي بعينها تعينات.

وبما أن ذات اللّه تعيّنات، إذن فمن البديهي أن يكون كل تعيُّن من هذه التعيّنات، ليس جزءاً من ذات اللّه، بل أن يكون هو ذات اللّه، لأنه غير مركّب من عناصر أو أجزاء. وأن يكون ذات اللّه نفسها، بكل خصائصها وصفاتها (لأن تعيّن اللّه هو عين جوهره، كما ذكرنا فيما سلف)، ولذلك يكون كل تعين من هذه التعينات هو اللّه الأزلي الأبدي، العالم المريد، القدير البصير، السميع الكليم، الذي لا يتغير أو يتطوّر على الإطلاق.

لأنه بذلك، وبذلك وحده، يكون منذ الأزل الذي لا بدء له، كاملاً كل الكمال، ومستغنياً بذاته كل الاستغناء، إذ يكون، كما ذكرنا في الفصل الأول، عالماً ومعلوماً، وعاقلاً ومعقولاً، ومريداً ومراداً، وناظراً ومنظوراً، وسميعاً وكليماً، ومحباً ومحبوباً، إلى درجة الكمال الذي ليس بعده كمال، دون أن يكون هناك شريك في ذاته أو شريك معه.

نشر بتصريح من نداء الرجاء

https://call-of-hope.com/

You may also like